نبراس المعموري
تمثيل المرأة في المؤسسات الحكومية و الهيئات المستقلة استحقاق كفله الدستور ونصت عليه المعاهدات و المواثيق والقرارات الدولية كون المرأة جزء مكمل للمجتمع واساس بنيانه وكينونته لاسيما في بلدنا العراق وما عكسه التغيير ومرحلة التحول الديمقراطي على واقع المراة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا .
طالبت منظمات نسوية باهمية تمثيل النساء في الهيئات المستقلة، وكان الحراك يتبلور في تحديد نسبة الكوتا في قوانين تلك الهيئات واولى المكاسب التي حققتها الحركة النسوية؛ تضمين الكوتا في الدستور والتي كانت الباب الاساسي للمطالبة لاحقا بتضمين قانون مفوضية حقوق الانسان نسبة الثلث للنساء من اعضاء مجلس المفوضين، ورغم وضوح القانون في هذا الجانب الا ان تشكيلة المفوضية جاءت مخالفة للنسبة المحددة؛ فقد عينت أربعة نساء من أصل خمس عشرة وهو ما اعتبرته منظمات نسوية مخالفة قانونية ؛فلجأت الى المحكمة الاتحادية للاعتراض على القرار بعد اعداد لائحة اعتراض استنادا إلى بنود دستورية، وقد كسبت المنظمات القضية التي رفعتها إلى المحكمة بشان حصة المرأة في مفوضية حقوق الإنسان، ورغم مرور اكثر من عام على قرار المحكمة الاتحادية الا انه حتى لحظة انتهاء عمر المفوضية لم يتم تعديل نسبة النساء بما يضمن الثلث، كما ان الرئاسة لم تحسم بسبب التداخلات السياسية ورفض البعض منهم تولي امراة رئاسة المفوضية .
اما قانون مفوضية الانتخابات لعام 2013 فقد جاء فضفاضا بسبب سياسة التهميش المقصودة من قبل الكتل السياسية لدور المرأة حيث نص على (يتألف مجلس المفوضين من تسعة أعضاء ، اثنان منهم على الأقل من القانونيين يختارهم مجلس النواب بالأغلبية بعد ترشيحهم من (لجنة من مجلس النواب) على أن يكونوا من ذوي الاختصاص والخبرة والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية مع مراعاة تمثيل النساء) ووفق هذه الصيغة جاءت نسبة تمثيل النساء واحدة فقط من اصل 9 اعضاء وحتى هذه كان هناك اختلاف حول اختيار المراة بل كان هناك سعي من قبل بعض رؤساء الكتل لفرض رجل بدلا عن المراة، كما غاب عن لجنة الخبراء صفة الاستقلالية واختيار الافضل ، وللاسف اليوم تتكرر ذات الحالة بل اسوء رغم خصوصية الهياة واهميتها…
ان محاولة الالتفاف على ابسط حقوق المرأة السياسية يكشف حجم افتقار البيئة السياسية العراقية الى منح المراة استحقاقها الدستوري والانساني، كما ان انعدام النزاهة لدى القوى السياسية وازدواجية تعامل قياداتها.. سمة تميزت بها تلك القوى، واكبر دليل على ذلك خلو مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي، وهيئة الاعلام والاتصالات من النساء، وهذا دعا منتدى الاعلاميات العراقيات وبمساندة المنظمات الصديقة الى المطالبة بتمثيل حقيقي للمراة وتضمين مشروعي القانونين بنسبة لاتقل عن الثلث في مجلس الامناء ، وقد تحقق ذلك بعد جهود كثيفة من خلال نص قانون شبكة الاعلام العراقي لسنة 2016 بنسبة الثلث للمراة ، الا ان حتى هذه المادة لم يتم الالتزام بها وسرقت حصة المراة بتعيين رجل وبقرار من رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي خارج اطار القانون والدستور . السؤال الذي نطرحه هل سيتغير حال المراة بعد الانتخابات ؟ وهل ستظهر لنا قيادات سياسية مؤمنة بدور المراة، واحقية تمثيلها في صنع القرار لا سيما في الهيئات المستقلة ؟ سؤال كبير والاجابة عليه تحتاج جهد واجراءات وقرارات اكبر