الرئيسية / دراسات / أوائل الصحافة النسوية في العراق

أوائل الصحافة النسوية في العراق

إعداد/ د. رياض السندي

تحل في الخامس عشر من حزيران ذكرى صدور أول صحيفة عراقية وهي (الزوراء) عام 1869 في بغداد على يد الوالي العثماني المصلح مدحت باشا والذي أعتبر فيما بعد عيداً وطنيا للصحافة العراقية.
ويرجع الكثير من الباحثين في تاريخ الصحافة العراقية بداية الصحافة النسوية في العراق إلى 15 تشرين الثاني من عام 1923 ، وهو تاريخ صدور مجلة (ليلى) التي أصدرتها ورأست تحريرها بولينا حسون، إلا إن تحديد بدايات الصحافة النسوية في العراق ليس بالأمر الهين، وقد أثيرت هذه المسالة في خمسينات القرن الماضي بعد أن تناول الباحثون تاريخ الصحافة في العراق، وكان المرحوم روفائيل بطي رئيس تحرير جريدة البلاد سباقا إلى ذلك فقد القى عدة محاضرات في على طلبة معهد الدراسات العربية العالية عام 1955، جمعت فيما بعد في كتاب مستقل بعنوان ( الصحافة في العراق ). وكان قد سبقه شيخ المؤرخين العراقيين المرحوم عبد الرزاق الحسني فجرد كل الصحف والمجلات العراقية في كتاب بعنوان (تاريخ الصحافة العراقية) صدر جزأه الأول عام 1935، ولم تصدر بقية أجزاءه. كما إن إنشاء نقابة الصحفيين العراقيين عام 1959 قد حفّز على إثارة هذا الموضوع مجددا.

مفهوم الصحافة النسوية
ظهرت الصحافة النسوية بصورة مستقلة وأصبح لها كيان خاص بها مع تأسيس في بداية القرن التاسع عشر في أوربا (Curtis) مجلة بيت السيدات كرتس التي نشرها وحررها إدوار بورك أكبر المحررين في تاريخ المجلات النسوية.
وتشير المصادر إلى إن الصحافة النسوية العربية ظهرت في مصر عام ١٨٩٢ ولم تكن قد عرفتها دولة عربية أخرى، لان مصر شهدت نهضة صحفية لم تعرفها البلاد العربية من قبل وهي حديثة عهد بالصحافة وبصناعة الأقلام ولما كان اغلب أصحاب الصحافة وحملة الأقلام بها من الشاميين كان من الطبيعي أن تسعى نسائهم لإنشاء صحف تعالج قضايا المرأة تشبها بذويهن من الرجال، فقد أنشات (هند نوفل) وهي فتاة لبنانية أول دورية نسائية في الإسكندرية في مصر تدعى مجلة (الفتاة). وتعد مجلة ليلى التي أصدرتها السيدة (بولينا حسون) ١٩٢٣ أول مجلة نسوية في العراق.
وتعرف الصحافة النسوية (صحافة المرأة) بأنها نوع من الصحافة المتخصصة التي تعالج شؤون المرأة ومشكلاتها وقضاياها حتى لو عمل بها وأصدرها رجال وهي ليست الصحافة التي تملكها أو تعمل بها النساء وتعالج الأمور العامة.
وفيما يخص العراق فقد ظهرت الصحافة المتخصصة بمفهومها الحالي بعد الانقلاب الدستوري العثماني ١٩٠٨ وبعد إطلاق الحريات وإنشاء الصحف الخاصة باللغة العربية وبذلك تكون الصحافة المتخصصة في العراق قديماً قياسياً إلى بداية صدور الصحف في العراق.
يتسع مفهوم الصحافة النسوية ليشمل مجالين رئيسين:
المجال الأول : صفحات المرأة في الجرائد اليومية والمجلات العامة الأسبوعية والشهرية .
المجال الثاني : ويشمل المجلات المتخصصة بالشؤون النسوية سواء أكانت أسبوعية، شهرية ، فصلية.
وقد عرف المجال الأول في الصحافة النسوية في مدة مبكرة من تاريخ الصحافة، إلا أن المجال الثاني ظهر بشكل واضح بعد نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في قارتي أوربا وأمريكا.
ووفق هذا التعريف تقسم الصحافة النسوية إلى:
١- الصحافة النسوية العامة:
ونعني بها النشاط الصحفي الذي يقوم على أساس إصدار الجرائد والمجلات التي توجه إلى جمهور عام يشمل قطاع النساء إلى جانب قطاعات أخرى والتي تجمع ما بين المضمون النسوي المتخصص المعالج لقضايا المرأة المختلفة العامة والخاصة والقضايا العامة.
٢- الصحافة النسوية المتخصصة:
وتعني النشاط الصحفي الذي يقوم على أساس إصدار الجرائد والمجلات التي توجه إلى جمهور يتسم بالتجانس هو قطاع النساء وتحمل مضموناً نسوياً متجانساً متخصصاً بقضايا المرأة.
وامتازت الصحف المتخصصة الصادرة في تلك المدة بمميزات عديدة منها:-
-1 قصر مدة صدورها.
-2 اعتمادها في التمويل على القدرة المالية لصاحب الصحيفة .
-3 محدودية الجمهور المتخصص.
-4 قلة عدد النسخ المباعة تبعاً لقلة الجمهور.
-5 عدم الإقبال على نشر الإعلانات فيها، وشدة الإقبال على نشر تلك الإعلانات في الصحف اليومية الأمر الذي أدى إلى قلة المدخولات المالية للصحيفة، وبعد قيام ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وإعلان العهد الجمهوري شرعت المؤسسات بإصدار صحف رسمية ذات اختصاص معين واستمرت الصحف المتخصصة بالصدور إلى نهاية عام ٢٠٠٠ إلا إنها لم تكن بالمستوى المطلوب بسبب حرمانها من ممارسة حريتها في النشر وحق التعبير عن أراءها وما يدور من مشكلات وانتقادات داخل المجتمع بسبب السياسة الإعلامية المهيمنة من قبل النظام السابق .

رائدات الصحافة النسوية في العراق
ولتوخي الدقة في تحديد التسميات والألقاب في هذا المجال اعتمادا على أسس موضوعية مستندة لأدلة صحفية دقيقة لإعطاء كل ذي حق حقه، وتلافيا للالتباس الذي سقط فيه الكثيرون ممن كتبوا في ها المجال وتناقل عنهم اللاحقون وهكذا يجب ابتداءا حصر تلك التسميات ومن ثم الانطلاق منها لبيان من ينطبق عليه ذلك اللقب مع تقديم الأدلة التي تثبت ذلك، وهي: –
الصحفية الأولى في العراق.
أول مقال صحفي لامرأة عراقية (الصحفية العراقية الأولى).
أول مطبوع نسوي في العراق.
أول رئيسة تحرير عراقية.
أوائل الصحفيات العراقيات.
وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل.
الصحفية الأولى في العراق
لا يمكن تصور ظهور هذا اللقب قبل قيام دولة العراق الحديث عام 1921 في ظل الانتداب البريطاني، وكان العراق يعاني من تركة الرجل المريض في التخلف والأمية وقلة المدارس وضعف التعليم وندرة المطابع، بما انعكس على واقع الصحافة آنذاك. لذا نجد إن أوائل الذين مارسوا العلوم والآداب والفنون كانوا من الأجانب أو الأقليات بحكم كونهم طبقة متعلمة ومتفتحة على تطور المجتمعات الأوربية آنذاك.
إن أول امرأة مارست عملا صحفيا في العراق كانت البريطانية المس غيرترود لوثيان بيل (Gertrud Lowthian Bell) السكرتيرة الشرقية للسر برسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق، وذلك من خلال إشرافها على إدارة وتحرير جريدة (العرب) وهي، يومية سياسية إخبارية تاريخية أدبية عمرانية عربية المبدأ والغرض ينشئها في بغداد عرب للعرب، أصدرتها حكومة الاحتلال البريطاني في العراق بهدف الدعاية لبريطانيا والتأثير على الرأي العام لصالحهم وكسب الرب إلى جانبهم وضرب الدعاية التركية ليتسنى لهم احتلال باقي أجزاء العراق، وقد تم لهم ذلك بإصدار جريدة العرب، وهي كما يدل اسمها ( المستوحى من السياسة البريطانية المعلنة وقتئذ، إذ كانت تعلن تطابقها مع الأهداف العربية ، والعمل من اجل نصرتهم ). والميل إلى جانب العرب لكسب ودهم. ويقف وراء تسميتها بهذا الاسم الذي نال استحسان السر برسي كوكس فيما بعد الأب أنستاس ماري الكرملي أو محمود شكري الألوسي باستشارة من الكرملي وبناء على طلب المس بيل. ويرجع تأخير صدورها إلى فقدان الورق يومذاك وأخذ جميع مواد الكتابة والطباعة من قبل الأتراك غداة انسحابهم من بغداد.
وقد وصفت المس بيل بدايات إصدار هذه الصحيفة في رسالة إلى والدها مؤرخة في 25 حزيران 1917 تقول فيها: “تتخذ الترتيبات اللازمة لإصدار جريدة عربية محلية، كنّا نتمنى صدورها كلنا. وقد تأجل صدورها حتى الآن لعدم توفر الورق اللازم، لكن إصدارها كان سيتأخر لو لم أظهر رغبة شديدة له فيها. فعيّن المستر فيلبي محررا رسميا فيها، كما استحدث وظائف خاصة لاهم أصدقائي العرب في بغداد بين هيئة تحريرها، وسنصدر عددها في اليوم الأول من تموز، وقد أطلق عليها اسم (العرب) لأنها الجريدة الأولى التي تصدر مستظلة بظل العهد الجديد من حرية العرب”.
وفي رسالة لاحقة كتبت المس بيل بتاريخ 9 تشرين الثاني عام 1917 إلى والدها تصف له عملها في جريدة العرب، وتعترف صراحة بانها رئيسة تحريرها قائلة: “بدأت اضطلع ببعض الواجبات الجديدة الملذة، ومنها تسلم رئاسة تحرير ((العرب))، الجريدة العربية التي نصدرها. ولدي مشاريع كثيرة تجعل من هذه الجريدة شيئا أكثر حيوية، بتعيين مخابرين في الأنحاء ومخبرين في الداخل. وأنا متأكدة من أن جمهور القراء، حينما يقرأ أن فلان ابن فلان وفلان قد غرم لأنه خرج من دون فانوس، سيهتم أكثر مما يهتم بقراءة أنباء عن قصف قرية مجهولة في بلاد الفلاندرز مثلا. المحرر الثاني، الأب انستاس، يأتينا مرة في الأسبوع ليقرأ عليّ المقالات الرئيسة التي أراقبها. وهو عربي من لبنان في الأصل يذكرنا بأيام شوسر، مثقف كبير ومضطلع في لغته، ويتكلم الفرنسية ويكتبها كما يفعل الفرنسيون أنفسهم …”.
وقد صدر العدد الأول من جريدة العرب يوم 4 تموز 1917 (14 رمضان 1335) – أي بعد احتلال بغداد بما يقرب من الأربعة أشهر- وكانت غير يومية وتصدر بصفحتين بين يوم وأخر في بداية عهدها، وظلت على ذلك مدة الستة اشهر الأولى، كما كان ظهورها خلال الشهرين الأولين بصورة غير منتظمة، ثم أصبحت يومية منذ صدور العدد 28 بتاريخ 3/10/1917، وكان آخر عدد صدر منها هو العدد 872 بتاريخ 21/5/1920. ومما لا شك فيه إنها كانت تعبر عن آراء سلطات الاحتلال، ومن غريب ما وجدنا فيها مقالات تندد بالأتراك لكونهم اضطهدوا اليهود الصهاينة وأجلوهم عن بعض مستعمراتهم في فلسطين، وتدعو إلى منحهم وطناً قومياً هناك. ومع ذلك تعد هذه الصحيفة أولى الجرائد التي أصدرها الاحتلال لما تشتمل عليه من خصائص الصحيفة، وخاصة بعد أن أصبحت يومية منتظمة الصدور في 1/9/1917 أي بعد مرور قرابة الشهرين على ظهورها- من ناحية، وان صدورها بهذا المستوى جاء في وقت كانت فيه الأوقات البصرية ما تزال فيه أقرب إلى النشرة الصحفية اليومية منها إلى الصحيفة- من ناحية أخرى.
وقد اختير (أحسن الكتاب وصفوتهم في العراق وفي غيره) للمساهمة في تحرير الصحيفة، لذلك تجد خيرة كتاب العراق وبعض كتاب العرب يشارك في تحريرها لقاء أجور مغرية أمثال شكري الفضيلي وكاظم الدجيلي وعبد الحسين الأزري ومحمد مهدي البصير وعطا أمين وزير العراق في أنقرة لاحقاً والشاعر جميل صدقي الزهاوي والدكتور نجيب الدمنازي وزير سورية المفوض في لندن. وقد ذيلت اغلب مقالات الصحيفة بتواقيع مستعارة (كأبن العراق) و(ابن الرافدين) و(ابن ماء السماء) و(ابن حلال) و(ابن بابل) و(ابن ذي الجنتين) خشية الاتهام بالتواطؤ مع الإنكليز. وقد استمرت الجريدة بالصدور حتى احتجابها في 21/مايس/1920، بعد أن دامت ما يقارب الثلاث سنوات، ومجموع ما صدر منها (872) عدداً.
بالإضافة إلى مساهمتها الرئيسة في مجلة العرب، فقد “ساهمت المس بيل بالإشراف على مجلة (الخزانة) التي أصدرتها لجنة مكتبة السلام في بغداد كل ثلاثة اشهر مرة واحدة (أي فصلية) باللغتين العربية والإنكليزية للبحث في وصف الكتب القديمة ونقدها لكل ما يهدى إلى المكتبة من التآليف الحديثة” ومن الكتب التي ترد العراق والتي تصدر فيه وقتذاك، والتي صدرت للفترة من1 كانون الثاني 1923 حتى نهاية العام المذكور.
ومن هذا العرض الموجز يتضح لنا أن المس غيرترود بيل هي أول امرأة غير عراقية دخلت عالم الصحافة في العراق من أوسع أبوابها (اعني بها رئاسة التحرير) ومارست مهنة الصحافة فيه عندما تولت مهمة رئيسة تحرير جريدة العرب وتولت الإشراف الفعلي على المطبوع المذكور ووجهت سياسته الوجهة المطلوبة والمكلفة بها من سلطات الاحتلال البريطاني، وبذلك يكون عملها اول مساهمة نسوية في صحافة العراق الحديث.

أول مقال صحفي لامرأة عراقية
على الرغم من أن المس بيل قد دخلت عالم الصحافة في العراق قبل الأخريات، إلا إنها – وعلى ما يبدو- لم تحرر شيئا سواء في صحيفة العرب أو مجلة الخزانة، حيث اقتصرت مهمتها على رئاسة التحرير والإشراف الفعلي على إدارة سياستها وتوجيه كتابها والعاملين فيها.
ونتيجة البحث والتقصي الدؤوب في معظم الصحف والمجلات الصادرة في العراق آنذاك فقد اهتدينا إلى أول مقال كتبته امرأة في العراق وهو بعنوان (إلى طائفة من العراقيين) والموقع بأسم مستعار هو (كلدانية عربية عراقية) والمنشور في مجلة دار السلام البغدادية التي كان يصدرها المرحوم الأب انستاس الكرملي في عددها 11 من المجلد الرابع – السنة الرابعة والصادر في 29 آيار 1921، جاء فيه:
“إذا أردتم أن تعرفوا رقٌي أمة فانظروا إلى نسائها (نابليون)، وتحقيقا لذلك راجعوا تاريخ العالم الماضي والحاضر، فإنكم ترونه يفصح لكم عن منقلب أمم وقبائل شتى منها متمدنة ومنها جاهلة، منها مجتهدة قوية ومنها خاملة ضعيفة. ثم انعموا النظر في الضعيفة منها تروها لم تفد المجتمع البشري فائدة تذكر، فهي مجردة من صفات المدنية وقد أحاط بها الخذلان والجهل لجهل نسائها. وأما تاريخ الأجيال القوية فأنها قد أفادت الألفة بما أفاضت عليها من جلال النعم والمبرات الكبرى فدفعتها إلى الأمام منقادة إلى النجاح بفضل رجالها العظام الذين لم ينشأوا إلا في أحضان الأمهات التي هي المدارس الأولى للأطفال. ومثل هذا القول قل عن الأمم المعاصرة لنا من رفعة في القدر، ومن منحطة في السعي، فإنها كلها تفصح لك عن إن الأمة التي تتركب من عنصري متساعدين متناصرين هما عنصر الذكر وعنصر الانثى على هذه الصورة انشأتهما الطبيعة، ولهذه الصورة يفلحان وينجحان”.
وهو المقال الذي ادعته مريم نرمه لنفسها أثناء اللقاء الصحفي الذي أجرته معها مندوبة جريدة الجمهورية البغدادية ليلى البياتي في الملحق الأسبوعي للعدد 470 في 41/6/1969عشية تكريما من قبل وزارة الإعلام العراقية كرائدة للصحافة العراقية بمناسبة العيد المئوي للصحافة في العراق، وبذا يكون هذا المقال أول مشاركة للمرأة العراقية في تاريخ صحافة العراق، مالم تثبت الأيام لاحقا خلاف ذلك، لاسيما وانه قد مضى قرابة مئة عام دون أن يدعي احد عائدية المقال له، وتكون السيدة مريم نرمه أول إمرأة عراقية تلج عالم الصحافة، وتستحق بجدارة لقب ( أول صحفية عراقية )، لاسيما وقد عثرنا في صحافة العراق ما يعزز هذا الرأي في مقال لمريم نرمه بعنوان ( يوسف القديم ويوسف الجديد ) والمنشور في مجلة نشرة الأحد، السنة الأولى، العدد 12 في 19 آذار 1922بتوقيع (مريم نرمه الكلدانية العراقية) لتغيره فيما بعد إلى (أختكم مريم نرمة الكلدانية) ثم (مريم نرمة الكلدانية) في كتابات لاحقة، ليستقر لقبها أخيرا باسم (مريم نرمة) وهو ما عرفت به لاحقا طيلة حياتها واعتمدته في جميع كتاباتها، نقتطف منه ما يلي:
” أقام الله يوسف بن يعقوب رئيسا على جميع ارض مصر وأودعه خزائنها واختار يوسف بن يعقوب الثاني سيدا على بيته وائتمنه على أخص كنوزه وهي مريم البتول الطاهرة، رأى يوسف الأول رؤية سرية: رأى الشمس والقمر والكواكب تسجد له، وفي بيت الناصرة رأى يوسف النجار الشمس الإلهية والقمر السري أي ألام القديسة يحترمانه ويخضعان له.
كان يوسف الأول عفيفا نقيا طاهرا. ففاقه يوسف القديس بطهارته وعفته إذ كان بتولا وهو عائش مع عذراء.
وجد يوسف القديم حظوة عند فرعون ملك مصر وكان يوسف الجديد أشرف القديسين حظوة ومكانة عند الله رب الجنود إذ جعله مربيا لابنه الوحيد وقرينا لامه البتول.
لم ير يوسف الأول المخلص الذي آمن به وتاق إلى رؤيته واسعد الحظ يوسف الثاني أن يرى المخلص الموعود به ويحمله على ذراعيه ويأكل معه ويساكنه مدة ثلاثين سنة ويموت على صدره”.
ومريم نرمة هي مريم روفائيل يوسف رومايا، ولدت في 3 نيسان 1890 في قضاء تلكيف التابع لمحافظة نينوى، ولقبت ب (نرمة) وهي كلمة كلدانية – فارسية الأصل تعني اللطيفة والناعمة للطفها وظرافتها، لاسيما وانها كانت البنت الوحيدة بين سبعة أخوة ذكور. وظل هذا اللقب يلازمها طيلة حياتها وحتى الآن.
وقد أصدرت نرمة في عام 1937 صحيفة نسائية عرفت باسم (فتاة العرب) بعد مضي أكثر من اربعة عشر عاما على صدور أول مطبوع نسوي في العراق، ألا وهي مجلة ليلى.
صدر العدد الأول من صحيفة فتاة العرب بتاريخ 16 آيار 1937 في 16 صفحة من القطع الوسط (نصف حجم الجريدة الحالي. وقد استمرت بالصدور مرتين في الأسبوع يومي الاثنين والخميس، لتتحول إلى صحيفة أسبوعية تصدر كل يوم خميس من كل أسبوع، ومجموع ما صدر منها 24 عددا فقط. وقد تولت طباعتها مطبعة الشباب ببغداد، فيما اتخذت من مسكنها في شارع مدحت باشا المسمى (عقد العريض) مقرا للصحيفة.
ولم يكن مصير نرمة بأفضل من معاصرتها بولينا حسون، فقد واجهتها ظروف صعبة وتحديات جمة كان في مقدمتها الصعوبات المالية التي بلغت 45 ليرة ذهب- بحسب قولها. (صحيفة الأنباء الجديدة، العدد 23، السنة الأولى، في 14 ت2 1964).
فاضطرت إلى التوقف بتاريخ 21 تشرين الأول 1937، إلا إنها اختلفت عن معاصريها ورفيقاتها في طريق الصحافة النسوية في أنها لم تترك وطنها وبقيت في العراق وماتت ودفنت فيه. وربما يعود ذلك إلى صلابتها أولا، وفي تجنبها الدخول في مسائل حساسة لا يقبلها المجتمع كالحجاب الذي التزمت به حتى أخر يوم في حياتها، بل ركزت على مسالة تعليم المرأة.
كانت مريم نرمة ذات اتجاه قومي وحدوي، ويتضح ذلك من إختيار إسم صحيفتها “فتاة العرب” والنهج الذي سارت عليه في صحيفتها، حيث كانت تهدف إلى خدمة الفتاة العربية والعراقية وتقدمها، ولم يقتصر إهتمامها على الأمور النسائية بل إهتمت بالمسائل السياسية.
توفيت نرمة بتاريخ 15 آب 1972عن عمر ناهز 82 عاما.

أول مطبوع نسوي في العراق
تعتبر مجلة (ليلى) التي أصدرتها السيدة بولينا حسون روفائيل باكورة الصحافة النسوية المتخصصة في العراق.
وليلى كما جاء في ترويستها، هي (مجلة نسائية شهرية تبحث في كل مفيد وجديد مما يتعلق بالعلم والأدب والفن وتدبير المنزل، وضعت للأسر ولاسيما العراقية لإفادة وتفكهة الرجال والنساء والأولاد وهي احدى عوامل النهضة النسائية العربية).
صدر عددها الأول في 15 تشرين الثاني 1923 في 48 صفحة من القطع الوسط، طبعت على مطابع دار الطباعة الحديثة في بغداد، واستمرت بالصدور نحو عامين حتى توقفها في 15 آب من عام 1925، وكان مجموع ما صدر منها (20) عددا فقط. وكان للمجلة أبوابها الثابتة في (مسامرات السيدات) و(بوق الحق) و(أخبار الغرائب وغرائب الأخبار) وغيرها.
(وكان يلتقي على صعيد المجلة فريق من المنشئين اللامعين كالزهاوي والرصافي والدجيلي وحليم دموس وسلمى صائغ وأنور شاؤول ويوسف غنيمة). وقد لاقت المجلة تأييدا ورواجا ولاسيما في الأوساط النسائية الراقية خاصة.
وتذكر بولينا إنها كانت تنوي تسمية المجلة بـ “فتاة العراق” إلا أن استمعت لقصيدة للشاعر جميل صدقي الزهاوي وفيها يغازل “ليلى والوطن” فوقع اختيارها على “ليلى”، ويتبين في اختيار عنوان المجلة عمق الثقافة التي كانت تتمتع بها السيدة الرائدة.
صدر العدد الأول من مجلة ليلى في الخامس عشر من تشرين الأول-أكتوبر سنة 1923، وكانت تطبع في شركة الطبع الحديثة ببغداد لصاحبها حسون مراد وشركاه وكانت بحجم 23×15 سم، وبلونين ابيض واسود ولم يتجاوز عدد صفحاتها ولكل عدد الـ (48) صفحة وكتبت بولينا حسون افتتاحية العدد الأول جاء فيها : «إن البعض يعتقد بان ظهور مجلة نسائية في العراق من (الكماليات) التي لا حاجة اليها الآن، وان المناداة بنهضة المرأة العراقية نفخ الرماد فهؤلاء وأمثالهم معتادون على إطفاء الأرواح ولعلهم من بقايا الوائدين .
رحبت المجلة في عددها الرابع الصادر في 15كانون الثاني-يناير 1924 (7 جمادى الأخر 1342هـ ) بالعام الجديد 1924 وكتبت في مثال بعنوان ((اجل الأماني)) تقول : مرحباً بك أيها العام الـ 1924، منها قد انعدم ذلك العام الثقيل (1923) ،فما عساك أن تكون أنت أيها العام الجديد؟ وماذا أخفى الغيب في ثنايا شهورك، وطيات أيامك،» وأضافت «إن العالم يؤمل أن يتنفس فيك وينال نصيباً من الأمل.
أما عراقنا المحبوب فيمني النفس بالتمتع بجميع حسنات الحكم القومي، ترشده الحكمة النيرة، ويعضده الإخاء الوطني، ويدعمه الثبات الراسخ… إن عراقنا العزيز يتوقع أن تمشي روح التجدد الحقيقي في ضلوعه، وبانتشار أنوار التهذيب بين بنيه وبناته، وأما ليلى فتاة العراق، ومعها الجنس اللطيف العراقي اجمع، فمنيتها أن تعم النهضة النسائية المباركة القطر العراقي بأسره .
وتؤمل أن لا ينتهي العام إلا وقد جرت المرأة العراقية، في طريق الرقي، شوطاً بعيدا» .
هي الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سقيت بماء المكرمات
ومن أهم المقالات التي نشرتها في افتتاحية العدد (6) الصادر في 15 أيار 1924 تلك (المقالة- الصرخة) الموجهة إلى المجلس التأسيسي العراقي (البرلمان)، وتدعو فيها إلى منح المرأة حقوقها المشروعة.
وفي عددها الأخير الصادر في 15 آب 1925 شرحت لقرائها، عبر مقالة حزينة، الظروف المادية الصعبة التي كانت تواجهها المجلة آنذاك، وللأسف، فقد اضطرت صاحبة امتياز المجلة السيدة بولينا حسون إلى مغادرة العراق وعندئذ توقفت المجلة عن الصدور. وقد يكون من المناسب أن نشير إلى أن العراق لم يشهد صدور مجلة نسائية إلا بعد أكثر من عشر سنين حين صدرت مجلة (المرأة الحديثة) لرئيس تحريرها فاضل قاسم راجي وكانت سكينة إبراهيم المحررة الرئيسة فيها.
كما تعدّ بولينا حسون من قبل مؤرخي الصحافة العراقية، من رائدات الصحافة النسائية في العراق، وقد جاء في كتاب (أعلام الصحافة في الوطن العربي)، وفي المبحث الخاص الذي كتبه عن صحافة العراق الأساتذة د. قيس عبد الحسين الياسري، د. خالد حبيب الراوي، د. هاشم حمادي، وسجاد غازي، إن بولينا حسون، عملت في الصحافة في ظروف بالغة الصعوبة، وقت احتدام الصراع بين دعاة السفور ودعاة الحجاب، وكان المحافظون هم الأغلبية في المجتمع، والمجددون الأقلية.
أما تاريخ ميلاد بولينا حسون فلا يعرف بالضبط، لكنها كانت في مقتبل حياتها تعيش في مصر وفلسطين والأردن قبل عودتها إلى بلدها العراق. وكان خالها هو الشيخ إبراهيم الحوراني، وابن عمها سليم حسون صاحب جريدة “العالم العربي”، وهو صحفي عراقي بارز من الموصل، وعلى هذا الأساس فان بولينا حسون موصلية عراقية من جهة الأب، وشامية من جهة الأم. وثمة مصادر تقول إن بولينا حسون ولدت سنة 1865 وتوفيت سنة 1969.
كانت بولينا من العضوات المؤسسات لنادي النهضة النسائية الذي افتتح في 24 تشرين الثاني 1923 برئاسة السيدة أسماء الزهاوي ابنة مفتي العراق الشيخ أمجد الزهاوي. وأخذت تجهر بآرائها حول تحرير المرأة ومساواتها بأخيها الرجل ومشاركته في بناء العراق ونهضته بعد تشكيل الدولة 1921.
ومن المواضيع التي طرقتها (ليلى) نقتبس الأفكار والتوجهات التالية: –
أولا. نهاية عهد مظلم وبداية آخر مشرق، حيث قالت: –
“لقد ولى الوقت الذي كانت فيه المرأة تماما وكأنها العوبة أو حيوان أليف ويتحكم فيها الرجل باعتباره السيد المطلق الذي له الحق في أن يفعل ما يشاء بامرأته وأطفاله … وقد بلي الزمن الذي كانت فيه المرأة تحسب إنها خلقت (متعة) أو (ولاَدة) ليس إلا. وكان الرجل يعتبر فيه السيد المطلق يصنع بامرأته وأولاده ما يهوى”.
ثانياً. التنبيه إلى مكانة المرأة ودورها في المجتمع، حيث قالت: –
(المرأة اليوم في البلاد الناهضة تعاون الرجل في أموره وضمنت له التوفيق والنجاح- والرجل يركن إلى امرأة ويستشيرها ويعتمد على رأيها وتدبيرها في عظائم الأمور).
ثالثاً. دعت ليلى، فيما دعت اليه الرجل، إلى التعاون في نطاق الأسرة وأبدت أسفها (بالخسارة التي تتكبدها بلادنا بحرمان المرأة من التهذيب الحقيقي …).
رابعاً. المطالبة بحقوق المرأة السياسية، حيث قالت: –
(وكانت أول صيحة فيما نعلم – بهذا الشأن – هي تلك أطلقتها الصحفية بولينا حسون عند اجتماع أول مجلس تأسيسي عراقي، فقالت في مقالة نشرتها في العدد 15 آذار 1924 من مجلة (ليلى) … بعد أن أشارت إلى ما تتخبط به المرأة من الجهل والجمود والخمول (أن نجاح النهضة النسوية الناشئة منوط بغيرتكم وشهامتكم أيها الرجال الكرام ولاسيما وأنتم الذين تحملتم أعباء مسؤولية تأسيس الحياة الديمقراطية العراقية على قواعد عصرية راسخة والحياة وأنتم تعلمون إنها ليست حق الرجل فقط).
مديرة مدرسة
بعد انتهاء السنة الثانية من عمر مجلة « ليلى «،عينت بولينا حسون مديرة لمدرسة باب الشيخ الابتدائية في بغداد عام 1925 ،وكان ذلك بداية لحملة شعواء تعرضت لها تلك الصحفية الرائدة من قبل بعض الصحف العراقية وانتقلت إلى المحاكم ، والتي أدت في نهاية الأمر ، إلى نقلها معلمة في مدرسة أخرى ومن ثم إلى تركها العمل.
تعرضت بولينا إلى ضغوطات وحملات صحفية قاسية أجبرتها على حزم أمتعتها ومغادرة العراق في كانون الأول 1925 متوجهة إلى الأردن، مكتفية بعامين من الريادة في مجتمع ساد فيه الجهل والتجهيل، لتترك وراءها ذكرى امرأة عراقية ناضلت ببسالة.
ويرجع توقف المجلة إلى أسباب عديدة استخلصناها من مراجع ومصادر عيدة مختلفة، وهي: –
الخسارة المالية، حيث تكاليف الورق والطبع والتوزيع وغير ذلك كانت مرتفعة، إضافة إلى أن اغلب قراء المجلة كانوا يتباطؤون في تسديد اشتراكهم فيها.
ضعف إمكانات المجلة الطباعية قياسا للمنافسة الشديدة من قبل الصحف اليومية ذات الإمكانات الضخمة.
إقتصار المجلة على طبقة محدودة وهي طبقة النساء وذلك لكونها مجلة متخصصة.
عوامل شخصية واجتماعية تتعلق بطبيعة المجتمع العراقي حيث جوبهت صاحبة المجلة بحملات شخصية انتقلت معها إلى المحاكم ودفعتها ظروفها إلى التخلي عن احتراف الصحافة.
لقد (كانت بحق أول مجلة نسوية عصرية. وقد استطاعت خلال السنوات القليلة التي ظهرت فيها أن تكون لسانا لدعوة أو ترجمانا لفترة، وقلما صادقا معبراً عن مطالب المرأة مع مراعاة الظروف الاجتماعية الغالبة يومذاك).
ومن المؤسف حقا ان تلاقي أول مجلة نسائية صدرت في العراق هذا المصير المؤلم، وأن تغتال بكورة الصحافة عندنا. ومن المخزي بحق الرجال أن يكون ذلك موقفهم منها.

أول رئيسة تحرير عراقية
يمكن القول إن بولينا حسون المدير المسؤول لمجلة ليلى هي أول رئيسة تحرير عراقية لمطبوع عراقي، وعلى الرغم من أن المس بيل قد مارست مهام رئيس تحرير مجلة العرب عام 1921، إلا إنها كانت طارئة على الصحافة في العراق ولم تكتب شيئا بقلمها، بالإضافة إلى إنها ليست عراقية.
ونتيجة البحث المضني والتدقيق المستمر استطعنا إحصاء النساء اللواتي تولين مهام رئاسة تحرير مطبوع صحفي في العراق أو صاحبة امتيازه، ومما يفاجأ القارئ هذا العدد من النساء الذين تولين رئاسة مطبوع في العراق، وهو بلا شك عدد لابأس به ويبعث على الفخر لجميع العراقيين وخاصة من النساء، وكما يلي: –
المس بيل (بريطانية) – مجلة العرب 1917- 1920.
بولينا حسون – مجلة ليلى 1923-1925.
حمدية الأعرجي – مجلة المرأة الحديثة 1936.
حسيبة راجي – مجلة فتاة العراق 1936.
مريم نرمة – صحيفة فتاة العرب 1937.
نوال الوائلي – مجلة گلاويز (السهيل) 1939-1949.
فاطمة حسين – جريدة آخر ساعة 1941- 1946.
المسز لوريمر – صحيفة الأوقات البصرية-البصرة تايمز 1943.
المسز ماركو مكفرسن (بريطانية) – مجلة فتاة الرافدين 1943- 1946.
سلمى خالد – مجلة الجيل الجديد 1945.
الدكتورة نزيهة الدليمي – مجلة تحرير المرأة 1946، ومجلة المرأة 1958-1963.
بيتي عجو – مجلة الصيدلي 1946.
أقدس عبد الحميد – مجلة الرحاب 1946- 1954.
الدكتورة لمعان أمين زكي – مجلة الأم والطفل 1946، ومجلة طب الأطفال 1970.
درة عبد الوهاب – مجلة بنت الرشيد 1947-1948.
رحمة الحاج توفيق – جريدة ژين (الحياة) 1954- 1963.
آسيا توفيق وهبي – مجلة الاتحاد النسائي العراقي 1958- 1960.
سهيلة منذر فتاح – مجلة الاتحاد النسائي العراقي 1958- 1960.
نعيمة الوكيل – مجلة 14 تموز 1958- 1963.
نزيهة الدليمي – مجلة ئافره ت (المرأة) 1958-1962.
سلمى الشيخ محمود النائب – مجلة جنة الأطفال 1962.
بشرى كنفاني – مجلة رسالة المرأة 1963.
رابحة الجميلي – مجلة المرأة 1968 ومجلة الظريف 1968.
رمزية الخيرو – مجلة المرأة 1969.
نوار حلمي – مجلة المرأة 1970.
وداد أنور العلمدار- مجلة الثقافة الرياضية 1970.
منال يونس الألوسي – مجلة المرأة 1970-2003.
بديعة أمين سرحان – مجلة المثقف العربي 1973- 1976.
عالية ممدوح – جريدة الراصد 1980-1988.
منال يونس الألوسي – The Iraqi women 1982.
منال يونس الألوسي – نشرة نساء العرب 1983- 1986.
منال يونس الألوسي – مجلة المرأة العربية 1984.
نرمين عثمان حسن – مجلة نرجس 2004- حتى الآن.
هانا شوان – صحيفة ريوان (دليل القافلة) 2001- حتى الآن.
منور ملا حسون – صحيفة لآلي كركوك 2003- 2005.
نرمين المفتي – جريدة القلعة 2005- حتى الآن.
د. كوردستان موكرياني – مجلة شاووشكا 2004- حتى الآن.
منور ملا حسون – مجلة يلدز 2008- حتى الآن.
مادلين وايت (بريطانية) – مجلة نينا 2014- حتى الآن.
بريجيت سينز (هولندية) – مجلة ﮊن (المرأة) 2015- حتى الآن.

نبراس المعموري مجلة صوتها 2017 حتى الان

أوائل الصحفيات العراقيات
العراق بلد متعدد القوميات، والى جانب الأكثرية العربية فهناك قوميات أخرى لها صحافتها الخاصة والتي بدأت متواضعة إلا إنها تطورت شيئاً فشيئاً. ويقتضي بالباحث المؤرخ أن يقف عندها ويقتفي بداياتها استكمالا للبحث من جميع جوانبه. وهذه القوميات والأقليات كالقومية الكوردية والأقلية السريانية التي ينضوي تحت لواءها اغلب الطوائف المسيحية في العراق كالكلدان والأشوريين والسريان، والأقلية التركمانية وقبلهما الأقلية اليهودية، التي رغم سبقها في تاريخ الصحافة والطباعة في العراق، إلا أن من المستغرب أن لا توجد أي صحفية يهودية عراقية.
وتختلف هذه القوميات والأقليات في احتفالها بعيد الصحافة، وعلى الشكل التالي: –
عيد الصحافة الكردية في 22 نيسان 1898، ذكرى صدور جريدة كردستان في القاهرة بمصر.
عيدالصحافة السريانية في 1 تشرين الثاني 1849، ذكرى صدور صحيفة زهريرا دبهرا (شعاع النور) في أورميا بايران.
عيد الصحافة التركمانية في 25 شباط 1911، ذكرى صدور جريدة الحوادث في كركوك – العراق.
وقد كان للمرأة في تلك القوميات جهود حثيثة للعمل الصحفي وتطوير الصحافة فيها. وهذا ما سنحاول بحثه بشيء من التفصيل.

أولا. الصحافة النسوية الكردية
«إن للصحافة الكردية، تاريخ هام ومكمل لتاريخ الصحافة في العراق، وسجل حافل، فاعل، تفاعل بموضوعية وجرأة وصدقية مع مجمل الأحداث التي مرت بالعراق الحديث، ولعب صحافيوها الرواد دورا بارزا في تعميق أواصر الأخوة العربية الكردية، وعبرت بشفافية عن تطلعات شعب العراق عموما، والشعب الكردي على وجه الخصوص».
ويقسم مؤرخ الصحافة في العراق د. فائق بطي في كتابه موسوعة الصحافة الكردية تاريخها وتطورها إلى عدة مراحل ابتداء من مرحلة الولادة في القاهرة عام 1898 بصدور أول جريدة كردية بعنوان (كردستان)، والمرحلة الثانية «التي كان طابعها صحافة رأي حاولت إلى جانب الاحتفاظ بالهوية القومية، نشر الدعاية لشعارات وطنية فرضتها وقائع الكفاح المشترك للشعبين العربي والكردي في العراق ضد الاستعمار البريطاني والأنظمة الإقطاعية والرجعية المتعاقبة على حكم العراق، حتى مطلع الخمسينات، ونجحت في إلهاب مشاعر الشعب الكردي وباتت تعرف بكونها صحافة داعية لمبادئ وحقوق هذا الشعب».
ويشير الباحث إلى نشوء صحافة الجبل خلال فترة الستينات ثم إبان فترة الكفاح المسلح 1977 – 1991 «والتي كانت تلعب دور المنظم بين قوى الثورة المسلحة والمواطنين في قرى ومدن كردستان من جهة، ومواقع وفصائل البيشمركة وقياداتها الموزعة في الجبال وفي خارج العراق من جهة أخرى».
ويذكر بطي أن «الصحافة الكردية عاشت عصرها الذهبي بعد انتفاضة آذار 1991، فقد صدرت خلال السنة الأولى بعد الانتفاضة، ما يقرب من 22 جريدة ومجلة، وبحسب إحصائية صدرت عن نقابة الصحافيين تشير إلى أنه خلال الفترة من 1992 إلى 2010 صدرت 400 جريدة ومجلة في كردستان جرى قيد اعتمادها في نقابة صحافيي كردستان. ولم تشهد الصحافة العراقية عموما خلال عشرات السنين منذ ولادتها، هذا الكم الهائل من مطبوعات منوعة (صحف ومجلات ونشرات) التي صدرت في كردستان العراق، قياسا إلى 15 محافظة أخرى في العراق.
ويذكر بطي عددا كبيرا من الصحف النسوية والطلابية والعمالية والفلاحية وغيرها من التي كانت تصدرها المنظمات الحكومية ومؤسساتها. ففي الفصل الرابع يتحدث عن صحافة الأحزاب السياسية في كردستان يبدأها بصحافة الحزب الديمقراطي الكردستاني ثم الحزب الشيوعي العراقي ثم الاتحاد الوطني الكردستاني، ويعدد صحف بقية الأحزاب والمنظمات السياسية الكردية التي بدأت منذ أربعينات القرن الماضي إلى التاريخ الحديث للصحافة الكردية بظهور صحف يومية في إقليم كردستان.
إلا أن الصحافة الكردية تتميز بجملة مميزات جعلها تفترق عن بقية الصحافة في العراق، واهم هذه المميزات: –
صحافة منفى، فأول صحيفة كردية (كردستان) قد ولدت في القاهرة وانتقلت إلى لندن ثم جنيف، وذلك لعدم توفر البيئة الملائمة لظهورها على ارض الوطن. وإذا كان هذا هو حال صحافة الرجال (مجازا)، فكيف هو الحال مع صحافة المرأة التي تعاني من سلطتي الحكومة والمجتمع. وحتى هذه اللحظة لم تستطع الصحافة النسوية أن تجد لها موطئ قدم ثابت على أرضها وبين مجتمعها.
صحافة مقاومة، فالكورد شعب يسعى للاستقلال وبناء دولته منذ سقوط الدولة العثمانية عام 1917، وهذا ما طبع صحافتهم العامة والنسوية بطابع مقاومة البيئة الدولية.
صحافة مؤسسات، وذلك لعدم قدرتها على الوقوف لوحدها، فقد جرى إخضاعها إما للحكومات الوطنية أو للأحزاب الكردية فغدت أسيرة توجهات تلك المؤسسات.
إنها سلطة رابعة مع وقف التنفيذ، لقد حاولت الصحافة الكردية لأكثر من قرن من تاريخها أن تقترب من هموم الناس وتطلعاتهم ورغم كل ما حققته في هذا المجال إلا إنها اصطدمت بخطوط مجتمعية حمراء صعب تجاوزها. وهذا ناتج عن خلط السلطة الكردية بين مفهومي الصحافة الحرة وحرية الصحافة فحدث نوع من الإرباك، فالسلطة الكردية تريد صحافة أليفة ومطيعة لها، وهي مثل بقية السلطات التقليدية في بلدان المشرق تخاف من الحرية بصورة عامة ومن حرية الصحافة بشكل خاص.
صعوبات فنية، فالعراقيل كثيرة أمامها مثل مشكلة التمويل وعدم توفر الموارد المالية، وفتح مقار صحفية نسائية، وضعف إمكانات الكتابة الصحفية المتخصصة وعدم توفر الكادر الصحفي المتخصص، وعدم توفر مطابع متلائمة مع متطلبات صحافة المرأة، وما إلى ذلك.
وقد قسم مؤرخ الصحافة العراقية فائق بطي في كتابه الموسوعة الصحفية الكردية في العراق، تاريخ الصحافة الكردية إلى أربعة مراحل هي: –
مرحلة الولادة والتي توجت بصدور أول جريدة كردية هي كوردستان في القاهرة عام 1898.
مرحلة الرأي حيث حاولت الاحتفاظ بهويتها القومية وطابع الكفاح المشترك بين الشعبين العربي والكردي في العراق ضد الاستعمار البريطاني. واستمرت إلى مطلع الخمسينات من القرن الماضي.
مرحلة صحافة الجبل خلال فترة الستينات ثم إبان الكفاح المسلح ضد الحكومات العراقية المتعاقبة 1977- 1991، وقد عانت من الشحة المالية والكوادر الفنية ومستلزمات الطباعة الحديثة، فكانت صحافة هزيلة ومختصرة وتقتصر على أخبار الكفاح المسلح.
مرحلة الملاذ الآمن منذ 1992- 2003 حيث انتعشت الصحافة الكردية وعاشت عصرها الذهبي، فأصدرت خلال السنة الأولى من الانتفاضة الشعبية ما يقرب من 22 جريدة ومجلة.
مرحلة العراق الأمريكي منذ 2003- يومنا هذا، حيث شهدت الصحافة الكردية تضخما كبيرا حيث صدرت 400 جريدة ومجلة في كردستان العراق فقط. حيث أن في كردستان اليوم أكثر من 30 فضائية ونحو 780 صحيفة ومجلة منها خمس صحف يومية، وان عدد أعضاء نقابة صحفيي كوردستان يبلغ نحو 5000 صحفي، ولكن مازال الأمر يحتاج أولا إلى “تكريس الصحافة كمهنة” ووضع لوضع شروط ومعايير صارمة لممارسة الصحافة، فالإعلام الكردي يوصف بانه إعلام “جامح”. حسب وصف نقيب صحفيي كوردستان.
وما جرى على الصحافة الكردية بشكل عام فقد كان له انعكاسات أكبر على الصحافة النسوية الكردية في العراق التي عانت من عدم وجود صحافة نسوية كردية متخصصة- إلا مؤخراً- أولا، واستمرار القيود والمعوقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحتى الدينية بما قيد تلك الصحافة من الانطلاق والتحرر ثانياً. وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة للصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية فما زالت حصة المرأة فيها ضئيلا.
وكانت سلطات الاحتلال البريطاني قد أصدرت أول جريدة باللغة الكردية في العراق في الأول من كانون الأول 1918 اسمها تيكه شتني راستي (فهم الحقيقة) في بغداد.
إن تأريخ (الصحافة العراقية الكردية) هو تاريخ للنشاط الثقافي للعراقيين الكورد خلال هذه المرحلة والذي تمثل في مجالات كثيرة منها مجال الصحافة، إذ صدرت في مدينة السليمانية جريدة علمية اجتماعية أدبية أسبوعية بأسم (بانك كردستان) أي نداء كردستان باللغات الكردية والتركية والفارسية وقد برز عددها الأول في 2 آب 1922 وكان صاحب امتيازها ومديرها المسؤول مصطفى باشا ياملكي الذي حاول جعلها إدارة فعالة لنشر الوعي الثقافي بين العراقيين الكورد. كما صدرت في السليمانية جريدة بأسم (روژي كوردستان) أي شمس كوردستان وقد صدر عددها الاول في 15 تشرين الثاني 1922. وفي أربيل صدر العدد الأول من مجلة (زاري كرمانجي) يوم 25 مايس سنة 1926 وهي “مجلة اجتماعية أدبية تاريخية فنية شهرية ” صاحبها ورئيس تحريرها الصحفي العراقي الكردي حسين حزني موكرياني وقد قامت المجلة بدور بارز في نشر الوعي الوطني والثقافة الكردية وأسهم في تحرير المجلة عدد من الكتاب، فضلا عن موكرياني وشقيقه كيو، كل من عبدالخالق ئه سيري ,ومامن الكركوكي والشيخ نوري الشيخ صالح وعبدالرحمن نوري خان وعبدالخالق قطب وفائق بيكه سي وقد صدر منها خلال ست سنوات (24) عددا فقط. وفي أيار 1954 صدر في أربيل العدد الأول من مجلة (هه تاو) أي الشمس وكانت مجلة أدبية اجتماعية تاريخية ثقافية تصدر ثلاث مرات في الشهر باللغة الكوردية وصاحب امتيازها ومدير تحريرها كيو موكرياني.
وبالرجوع إلى بدايات الصحافة الكردية في العراق، يطالعنا أول اسم في عالم الصحافة في كردستان العراق اسم السيدة استير سعيد حيث تعود بدايات مشاركتها الصحفية إلى عام 1950 ضمن هيئة تحرير صحيفة (هه ولير) -أي أربيل- الصادرة عن نقابة المعلمين في أربيل منذ 16 كانون الثاني 1950. ولاحقا نجد إن رحمة الحاج توفيق – أو (رحمة خانم) كما تعرف لدى معظم المثقفين الأكراد – هي ثاني إمرأة كردية تدخل عالم الصحافة في العراق عندما أصبحت صاحبة امتياز (ﮊين) -أي الحياة- وهي أول جريدة كردية ابتداءً من 19 كانون الأول 1954 وحتى قيام ثورة 8 شباط 1963، بعد وفاة والدها الكاتب والشاعر الكردي المعروف توفيق بيره مرد الذي أسس هذه الجريدة وسبقها في هذا المنصب، الذي انتقل اليها يوم كان امتياز الصحيفة أو المجلة يعد حقا شخصيا قابلا للتملك والانتقال بالوراثة وتسري عليه سائر التصرفات القانونية على المال المنقول، فكانت هذه الصحيفة أهم ما ورثته عن والدها. وقد ذكرت لي الدكتورة كردستان موكرياني في لقاء صيف عام 1986 في دار النشر والثقافة الكردية ببغداد، ان رحمة خانم لم تكن تعرف القراءة والكتابة. وربما كان وجود رحمة دافعا لبنات جنسها الكرديات قاد إلى مساهمة عدد من الأقلام النسوية منها أديبة علي وبريخان وشفيقة علي وصبرية محمد وحسيبة محمد.
وفي وقت مقارب تدخل عالم الصحافة معاصرتها الدكتورة نسرين محمد فخري بمساهمات صحفية متواضعة عام 1958 بالغة العربية حيث نشرت قصيدة بعنوان (ترنيمة الطفل) عام 1958 كما ذكرت لي إلا اني لم استطع الاهتداء اليها، ثم توالت مساهماتها باللغة الكردية، وقد التقيتها في قسم اللغة الكردية في كلية الآداب – جامعة بغداد ربيع عام 1986حيث عملت في التدريس لسنوات عديدة، وظلت تعتبر نفسها أول كردية دخلت عالم الصحافة في العراق.
أما فيما يخص الصحفيات الكرديات فإننا نكاد لا نجد صحفية كردية متخصصة إلا ما ندر لتأخر استحداث قسم الصحافة والإعلام في كردستان. ويذكر إن حكومة إقليم كردستان أصدرت عام 2008 القانون رقم 35 الخاص بحرية الصحافة وثلاثة قوانين أخرى لتنظيم الصحافة وهي قانون المطبوعات، وقانون نقابة الصحفيين، وقانون تقاعد الصحفيين.
وكانت أول مجلة نسائية باللغة الكردية قد صدرت عام 1959 بأسم ئافرت (المرأة) والتي أصدرتها رابطة المرأة العراقية وتولت رئاسة تحريرها نزيهة الدليمي رئيسة الرابطة آنذاك، وهي امرأة عربية غير كردية. وكانت هذه المجلة أقرب إلى ملحق مرادف باللغة الكردية لمجلة المرأة التي كانت تصدرها الرابطة المذكورة، إلا إنها لم تستمر طويلا حيث توقفت عام 1962، ومجموع ما صدر منها (15) عددا فقط. وللأسف فقد تجاهل معظم مؤرخي الصحافة الكردية في العراق ذكر هذه المجلة. ومنذ عام 2004 تصدر مجلة شاووشكا (أسم الهة كوردستانية قديمة)، وهي مجلة فصلية نسوية متخصصة، تصدر في أربيل.
ثم تلاهما جيل جديد من الكاتبات اللواتي عملن في الصحافة، وقد حاولنا هنا وضع قائمة بالكورديات اللواتي عملن في الصحافة، وإذا نسينا إحداهن فعذرنا عدم توفر المصادر لتوثيق ذلك. وهن: –
أستير سعيد، صحيفة هه ولير 1950.
رحمة الحاج توفيق، صحيفة ﮊين 1954-1963.
د. نسرين محمد فخري، مجلات مختلفة 1950- 1980.
ناهدة الشيخ سلام.
باكيزة رفيق حلمي.
نجاة رفيق حلمي، مجلة روشنبيرى نوى 1985.
ناهدة رفيق حلمي، مجلة روشنبيرى نوى 1985.
لطيفة القزاز.
أديبة علي.
بريخان علي.
شفيقة علي.
صبرية محمد.
حسيبة محمد.
خنجة عبد الرحمن عبد اللطيف موكرياني، مجلة هه تاو 1960.
د. كردستان عبد الرحمن عبد اللطيف موكرياني، مجلة هه تاو 1960، ومجلة روشنبيرى نوى 1980، ومجلة شاووشكا 2004.
أحلام منصور، مجلة هاوكارى 1979.
سه ركول تيمور محمد أمين، مجلة هاوكارى 1973.
زينب حسين مرزة، مجلة هاوكارى 1982.
باكيزة محمد صدقي، مجلة هاوكارى 1974.
بشارت فاتح محمد، مجلة هاوكارى 1974
هانا شوان، مجلة ريوان 2001.
هيفاء دوسكي.
وبعد قيام دار الثقافة والنشر الكردية عام 1970 وصدور مجلة (هاوكارى) –أي التضامن- فقد التف حول المجلة عدد من الأدباء الكورد ومنهم الأسماء الستة من التسلسل 14-19 في أعلاه. إلا أن الملاحظ في كل هؤلاء الكاتبات هو عدم تخصصهن في مجال الصحافة، وإنما دخلن تحدوهن الرغبة في الكتابة والعمل الصحفي بلغتهن وتساعدهن في ذلك موهبتهن الشخصية إلا إننا نكاد لا نجد بينهن صحفية متخصصة أو خريجة قسم الصحافة في كلية الآداب الذي أسس منذ عام 1964، وخاصة بعد استحداث هكذا قسم في كلية الآداب – جامعة بغداد ثم تحولها إلى كلية الإعلام في ذات الجامعة منذ عام 2002، لتغدو الصحافة علما يجمع بين الرغبة والتخصص.
بعد عام 1991 وفرض منطقة الحظر الجوي شمال العراق وإقامة الملاذ الآمن هناك، فقد شهد عالم الصحافة الكردية انطلاقة كبيرة لم تعهد من قبل. واليوم تضم نقابة صحفيي كوردستان العراق التي أسست عام 1998 عددا من الصحفيات اللواتي مارسن العمل الصحفي بكل جرأة وإقدام، إلا إن كل ذلك مازال دون مستوى الطموح وأسيرة توجهات الأحزاب الكردية.
وفي عام 2001 أُصدرت أول صحيفة كردية متخصصة بقضايا المرأة، إلا وهي صحيفة ريوان (أي دليل القافلة)، وترأس تحريرها هانا شوان، ويبلغ عدد العاملين بصحيفة ريوان، إلى عشرين امرأة متخصصة في مجال المراسلة والتحرير والتصوير وتصميم الموقع والصحيفة، وهي تصدر بشكل نصف شهري، بواقع 4500 نسخة للعدد الواحد، وتوزع بشكل مجاني، وقد وصلت اليوم إلى العدد 276. إن “ما يميز هذه الصحيفة عن باقي الصحف النسوية، أنها أول صحيفة في كردستان تصدر بنتاج كادر نسوي متخصص من مراسلين ومحررين. وان المواضيع التي تتناولها الصحيفة تركز على قضايا وشؤون المرأة فقط”.

ثانياً. الصحافة النسوية السريانية
تعد الصحافة السريانية في العراق جزء لا يتجزأ من صحافة العراق، ولا نغالي إذا قلنا أن مسيحيي العراق على اختلاف طوائفهم ومسمياتهم كانوا من أوائل من ادخلوا الطباعة إلى العراق أواخر القرن التاسع عشر. واشتهروا بالتأليف والطباعة، وبرزت لهم أسماء لامعة في هذا المجال، وقد رأينا إن رائدات الصحافة النسوية في العراق كنّ من هذه الطائفة، مثل بولينا حسون ومريم نرمة. ولا غرو في ذلك فلا يستطيع أيُّ منصِف أن يتحدث عن تاريخ الحضارات دون أن يذكر دور السريان ولغتهم التي لُقِّبَتْ ﺑ «أميرة الثقافة وأم الحضارة»، فكانوا بمثابة القنطرة التي عبرت عليها العلوم والمعارف لتصل إلى العرب وأوروبا؛ فترجموا من اليونانية إلى السريانية، ومنها إلى العربية، ثم إلى اللاتينية، وأخيرًا للغات الأوروبية الحديثة. ولم يكن السريان مجرَّد نَقَلة، بل كانوا مبدعين أيضًا؛ فقد أضافوا خبرتَهم ومعارفهم، فطوَّروا وجدَّدوا. وكتب السريانُ في عدة موضوعات منها: الفلسفة، والمنطق، والموسيقى، والأدب، والهندسة، والزراعة، والتجارة، والطبيعة، والرياضيَّات، والفلك، والفيزياء، والطب. وباختصار فان فضل السريان على العرب كبير ولا يمكن تجاهله ونكرانه.
إلا أن مساهمة السريانيات في صحافة العراق كانت ضعيفة نظرا للصعوبات التي واجهت الصحافة السريانية عموماً وصحافة المرأة السريانية خصوصاً، واهمها: –
إنها من صحافة الأقليات في العراق.
إنها مازالت في الغالب صحافة دينية أو حزبية، لصدورها عنها أو لاعتمادها عليها في التمويل.
يستخدم معظم أفرادها اللغة العربية في الغالب، وتقتصر ممارسة اللغة السريانية داخل العائلة فقط.
إن اللغة السريانية تعد في الوقت الحاضر من اللغات غير الحية لندرة استعمالها، ولعدم استخدامها في الكتابة والقراءة بين أبناءها، بل غدت لغة محكية فقط. ويشهد العراق الآن محاولات جادة لإحيائها من خلال استحداث المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية منذ عام 1998.
عدم توفر المطابع بالسريانية، مما دفع الكتاب والمطابع إلى اعتماد صيغة رسم الحروف السريانية. وهذا ما أدى إلى قلة استخدامها، في حين لم تعاني الصحافة الكردية من هذه المشكلة لاستخدامها الحروف العربية ولاحقا الحروف اللاتينية.
تعدد المطبوعات الصحفية من مجلات وصحف إلى جانب قلة القراء وضعف انتشار المطبوع، لابل أن بعض المطبوعات لا تلقى أي رواج وتكاد لا تذكر عند جردها.
عدم وجود كادر صحفي متخصص بالصحافة والإعلام، وإنما يعمل في هذه الصحف والمجلات مجموعة من الشباب الهواة. وهذا يسري على عموم الصحافة في العراق.
لقد عانى مؤرخو هذه الصحافة من إشكالية التسمية نتيجة لاستخدام تسميات متعددة كالأثورية والأشورية والكلدانية إضافة للسريانية التي كنّا أول من استخدمها مجاراة للقانون الخاص بمنح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية في دراستنا الموسومة عن تاريخ الصحافة السريانية في العراق والمنشور في مجلة أثرا(الوطن) في دهوك، العدد 16 لعام 1997، إلا إن ضعف المجلة وعدم انتشارها وضعف حماية حقوق الملكية الفكرية قد أضاع قيمة تلك الدراسة. ويبدو إن المرحوم فائق بطي قد استحسن هذه التسمية، فعنون كتابه الرائع موسوعة الصحافة السريانية في العراق عام 2014. وقد استقر هذا المصطلح مؤخرا فأخذت تستخدمه جميع الطوائف والأحزاب المسيحية في العراق. وقد ترسخت هذه التسمية بصدور دستور العراق لعام 2005، حيث نصت المادة (4 أولا ورابعا) منه على تسمية لغة مسيحيي العراق بالسريانية.
اعتماد أسلوب الاستبعاد لكل مطبوع أو كاتب أو صحفي أو مؤسسة تمارس العمل الصحفي بلغات أخرى حتى لو كانت تدافع عن السريان. وهذه نظرة قبلية تقوم على التخوين والنبذ والتجاهل.
تجاوز إطار الدولة في الاعتماد على مطبوعات تصدر خارج العراق، لابل حتى في كتابة تاريخ هذه الصحافة. وكانت معظم الكتابات تشير إلى مطبوعات صدرت خارج حدود العراق، كما هو الحال في الصحافة الكوردية والتركمانية.
وبشكل عام، فقد عانت الثقافة السريانية من إهمال كبير طيلة عشرة عقود متتالية، مما أدى إلى ضعفها بعد أن كانت لغة العلم والثقافة طيلة عشرة عقود مماثلة سبقتها. وفي تقديرنا فان هذه الثقافة قد شهدت اضطهادا متواصلا على يد الحكام المسلمين عقب انتهاء الحروب الصليبية كما اضطهد أبناؤها، ولم يعد اعتبارها إلا بعد زوال حكم العثمانيين وبداية الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917، باستثناء فترة قصيرة جدا بداية العهد المغولي للعراق. وكما قال أحد رواد الصحافة السريانية وهو الملفان نعوم فائق بأن: “الأمة التي ليس لها جرائد هي أمة خرساء وصماء وخاملة”.
أما الصحافة السريانية فهي لم تحتل ما احتله الأدب من شهرة وديمومة، نتيجة للتنقلات المستمرة بين المناطق التي يعيش فيها السريان. وترجع بداية الصحافة السريانية عموما إلى عام 1849 بظهور صحيفة (ܙܗܪܝܪܐ ܕܒܗܪܐ) زهريرا دبهرا (شعاع النور) التي صدر عددها الأول في 1 تشرين الثاني 1849 في مدينة أورميا بإيران واستمرت بالصدور حتى عام 1918، والذي اعتبر لاحقا عيدا للصحافة السريانية. لذا تعد هذه الصحافة واحدة من أقدمها في المنطقة.
أما باكورة الصحافة السريانية في العراق فكانت مجلة (ܟܠܝܠܐ ܕܘܪܕܐ) أكليل الورد التي أصدرها الإباء الدومنيكان في الموصل أواخر عام 1902 واستمرت بالصدور حتى عام 1907. ومجموع ما صدر منها بالسريانية 330 عدداً. تلتها مجلة (ܐܬܘܪܝܐ) أثورايا (الأثوري) التي أصدرها نادي أثورية عام 1927، وفي السنة التالية أصدرت البطريركية الكلدانية مجلة (ܟܘܟܒܐ) النجم للقس سليمان الصائغ في الموصل، فصدر عددها الأول في 25 كانون الأول 1928 واستمرت تصدر بانتظام – سوى توقفها أثناء الحرب العالمية الثانية – لمدة ستة عشرة سنة، وآخر عدد صدر منها في 1 حزيران 1956. وكانت تكتب باللغة الكلدانية إلا ما ندر في عناوين صغيرة للتوضيح وباستثناء اسمها الذي طرزت به غلافها. ثم تلتها مجلة (ܢܘܗܪܐ) النور في بغداد، التي رآس تحريرها القس (المطران لاحقاً) يوسف بابانا، وهي كسابقتها صدرت باللغة العربية ولم تكتب بالكلدانية باستثناء اسمها الذي طرزت به غلافها، وقد صدر عددها الأول في 25 كانون الأول 1949، وكان آخر عدد صدر منها في آذار 1956. ثم مجلة (ܩܠܐ ܡܢ ܡܕܢܚܐ) قالا من مدنحا (صوت من المشرق) والتي أصدرها السيد كاكو لازار في الموصل عقب الحرب العالمية الثانية، ثم مجلة (ܠܙܘܐ) لزوا (العصبة) للقس إيشو دمرزعيا في النصف الأول من القرن الماضي، وأخيراً مجلة (ܦܢܩܝܬܐ) بنقيثا (المجلد) التي أصدرها القس يوخنا دانيال البازي عام 1951. وأخيراً مجلة الفكر المسيحي التي أصدرها كهنة يسوع الملك في الموصل عام 1964 ومازالت مستمرة بالصدور.
ويمكن تقسيم تاريخ الصحافة السريانية في العراق الى عدة فترات، وهي: –
فترة الولادة (1901- 1968)، أي منذ بداية القرن العشرين إلى حكم حزب البعث في العراق.
فترة الإقرار (1972- 1991)، أي منذ صدور قرار منح الحقوق الثقافية ولغاية إنشاء الملاذ الآمن شمال العراق.
فترة الملاذ الآمن (1992- 2003)، أي منذ إنشاء المنطقة الآمنة وحتى سقوط نظام حزب البعث.
فترة الانتعاش (2003- حتى يومنا هذا)، أي منذ دخول القوات الأمريكية لبغداد حتى الآن.
ولقد ظلت الحقوق الثقافية للسريان مهدورة ولم يلتفت اليها احد منذ تأسيس الحكم الملكي في العراق عام 1921 حتى عام 1972 حيث صدور قانون منح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 251 في 26 نيسان لعام 1972، والذي نص على منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية من الأثوريين والكلدان والسريان، فبدأت الحركة تدب من جديد في أوصال الصحافة السريانية ، حيث نصت الفقرة (ه) من القرار المذكور على إصدار مجلة شهرية باللغة السريانية من قبل وزارة الإعلام، وقد صدرت تبعا لذلك عدة مجلات منها:-
مجلة (ܡܘܪܕܢܐ ܐܬܘܪܝܐ) موردنا أتورايا (المثقف الاثوري) من 1974-1991.
مجلة (ܣܦܪܐ ܐܣܘܪܝܝܐ) سبرا سوريايا (الكاتب السرياني).
مجلة (ܚܘܝܕܐ) خويادا (الاتحاد) من 1985- 1990.
مجلة (ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ) بيث نهرين (بين النهرين) من 1973- حتى الان.
مجلة (ܩܠܐ ܣܘܪܝܝܐ) قالا سوريايا (الصوت السرياني) 1973- 1984.
مجلة (ܐܬܪܐ) التي اصدرها نادي نوهدرا في دهوك عام 1975- 1990، وظلت متعثرة في صدورها. وقد توليت شخصيا مهمة إعادتها بعد توقف طويل، فأصدرت بالتعاون مع الزميل أفرام فضيل البهرو عددا جديدا في صيف 1997، إلا إنها عادت متعثرة في صدورها ثانية.
مجلة مجمع اللغة السريانية عام 1975- 2005 ورآس تحريرها الأب يوسف حبي.
أما صحافة الملاذ الآمن فقد تميزت بفترة انتعاش نسبي غير مسبوق في العراق، فصدرت عدد من الصحف والمجلات وظهرت عدد من القنوات التلفزيونية الفضائية، إلا إنها عانت من نفس ظروف شقيقتها الكردية في إنها كانت أسيرة الأحزاب السياسية التي تمولها وتصدرها. ومن تلك الصحف: –
صحيفة (ܒܗܪܐ) بهرا (الضياء)، التي أصدرتها الحركة الديمقراطية الأشورية منذ 1982- ومازالت مستمرة.
صحيفة (ܟܓܒܐ ܕܒܝܬ ܢܗܪܝܢ) كخوا دبيث نهرين (نجم بين النهرين)، أصدرها المركز الثقافي الأشوري في دهوك عام 1992- حتى الآن.
صحيفة (ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ) بيث نهرين (بين النهرين)، أصدرها حزب بين النهرين في أربيل عام 1992- حتى الآن.
صحيفة (ܟܟܒܐ ܕܡܕܢܚܐ) كوخوا دمدنخا (نجم المشرق)، أصدرتها بطريركية بابل الكلدانية في بغداد عام 1995- حتى الآن.
صحيفة (ܐܘܦܩܐ)أ وفقا (الأفق)، أصدرتها الكنيسة الشرقية القديمة في بغداد عام 1997- وحتى الآن.
صحيفة (ܟܢܪܐ ܕܪܘܚܐ) كنارا دروخا (قيثارة الروح)، أصدرܬها مطرانية كنيسة المشرق في بغداد عام 1998- وحتى الآن.
صحيفة (ܩܠܐ ܟܠܕܝܝܐ) قالا كلدايا (الصوت الكلداني)، أصدرها المركز الثقافي الكلداني في دهوك عام 1998- وحتى الآن.
صحيفة (ܦܢܝܦܐܠ) بانيبال، أصدرتها المديرية العامة للثقافة السريانية في أربيل عام 1998- حتى الآن.
وقد عانت الصحافة السريانية من ضعف مشاركة المرأة فيها إسوة بنظيرتيها العربية والكردية إلا إنها كانت سباقة عليهما – كما رأينا- فأقدم مساهمة نسوية تعود إلى مريم نرمة لعام 1921، كما إنها أول من أصدرت مطبعا نسويا متخصصا عام 1923. وقد حاولنا جاهدين تعقب أدنى مساهمة نسوية سريانية فأحصينا عدد من المساهمات الأدبية وباللغة السريانية وإن بدت صغيرة وضعيفة إلا إنها تبقى محاولات جريئة، وهي: –
لوديا مرقوس، من أكلات الصوم في القرية الأثورية، مجلة المثقف الأثوري، العدد 15 لعام 1978.
يوليا ريحانة، دعوة للفتاة الأثورية، مجلة الصوت السرياني، العدد 26 لعام 1980.
يوليا ريحانة، من الأعياد الأثورية، مجلة الصوت السرياني، العدد 29 لعام 1981.
يوليا ريحانة، من الأكلات الشعبية، مجلة الصوت السرياني، المجلد السنوي لعام 1982.
ماركنيتا بدرشو، ترنيمة في الطريق إلى المعركة – شعر، مجلة المثقف الأثوري، العدد 31 لعام 1984.
ماركنيتا بدرشو، حب كل شيء – شعر، مجلة المثقف الأثوري، العدد 32 لعام 1985.
ماركنيتا بدرشو، قصة قصيرة، مجلة المثقف الأثوري، العدد 32 لعام 1985.
إلى جانب هذه المساهمات باللغة السريانية، فقد عثرنا على مساهمات صحفية متواضعة باللغة العربية،وكما يلي:-
جوليت زكريا، إليه، مجلة المثقف الأثوري، العدد 1 لعام 1973.
مارلين يترون، اليك أيها الغريب، مجلة المثقف الأثوري، العدد 1 لعام 1973.
مارلين يترون، من الأعماق، مجلة المثقف الأثوري، العددين 3-4 لعام 1974.
مي اسطيفان بيداويد، الفكر السرياني المخضرم، مجلة الصوت السرياني، العدد 8 لعام 1975.
نعيمة نجيب، نعم للرجل للمرأة لا، مجلة الصوت السرياني، العدد 29 لعام 1981.
أكنس يوخنا جورج، آراء في الأغنية الأثورية، مجلة المثقف الأثوري، العدد 6 لعام 1975.
إستر دانيال، آراء في الأغنية الأثورية، مجلة المثقف الأثوري، العدد 6 لعام 1975.
فلورنس جون إيشو سابر، بكاء لقديسة الوعد (شعر)، مجلة المثقف الأثوري، العدد 8 لعام 1975.
أكنس يوخنا جورج، بكاء الشمس، مجلة المثقف الأثوري، العدد 11 لعام 1977.
إيفا يوسف، أنا من فقدت ظلي (شعر)، مجلة المثقف الأثوري، العددين 9-10 لعام 1976.
زابيت روئيل، وعدتك (شعر)، مجلة المثقف الأثوري، العددين 9-10 لعام 1976.
برناديت سامبيو، نداء، مجلة المثقف الأثوري، العددين 9-10 لعام 1976.
سميرة جندو، حكم آثورية، مجلة المثقف الأثوري، العدد 12 لعام 1977.
كبرييلا يونان، عرض التاريخ الأدب الأثوري الحديث، مجلة الصوت السرياني، العدد 23 لعام 1979.
جاكلين يوخنا زيا، الزمان (قصة)، مجلة المثقف الأثوري، العدد 31 لعام 1984.
جاكلين يوخنا زيا، أراك، (شعر)، مجلة المثقف الأثوري، العدد 31 لعام 1984.

وحسب اطلاعنا وبحثنا المستمر يمكن القول بأن لوديا مرقس هي أول إمرأة تلج ميدان الصحافة السريانية في العراق ونكتب بالسريانية، وان كانت مساهمة وحيدة في هذا المجال. كما إن أول امرأة تتولى وظيفة صحفية في الصحافة السريانية العراقية هي الأنسة جاكلين يوخنا زيا التي كانت عضوة هيئة تحرير مجلة المثقف الأثوري ابتداءً من العدد 31 لعام 1985. وتلا ذلك جريدة نهرانيثا التي كانت تصدر عن اتحاد النساء الآشوري في أربيل بالبداية، وهي متخصصة بشؤون المرأة ثم انتقلت إلى بغداد وتوقفت لاحقاً. ويمكن ببساطة ملاحظة ضآلة الإنتاج النسوي السرياني في العراق وتأخر المشاركة النسوية لفترة طويلة نسبيا عن مثيلاتها، وربما كانت اللغة سببا في ذلك. واليوم تشهد الساحة الإعلامية ظهور عدد كبير من الإعلاميات والصحفيات بما يبشر بجيل جديد واعد وطاقات شبابية مبدعة.
وقد تم استحداث قسم اللغة السريانية في كلية اللغات – جامعة بغداد، حيث قد حصلت الموافقة على فتح القسم المذكور بموجب كتاب مجلس الحكم المرقم 1228 في 31 آذار 2004، وبدأ التدريس في القسم في تشرين الثاني 2004. تخرجت الدفعة الأولى (دفعة نعوم فائق) عام 2008. عسى أن يساهم ذلك في تقدم وتطوير الصحافة السريانية عموما والنسوية خصوصا.
وبطبيعة الحال، فإلى جانب هؤلاء كان هناك صحفيات مسيحيات مارسن الصحافة في الصحف والمجلات الرسمية وكتبن باللغة العربية، وحققن شهرة واسعة تفوق اللاتي كتبن بالسريانية أو العربية في الصحافة السريانية، مثل: –
إنعام كجه جي.
مريم السناطي.
دينا ميخائيل.
شذى توما مرقوس.
فرقد ملكو.

ثالثا. الصحافة النسوية التركمانية
تعود بدايات الصحافة التركمانية العراقية إلى عام 1911، عندما أصدر 25 شباط 1911، جريدة الحوادث في كركوك – العراق، والذي اعتبر فيما بعد عيداً للصحافة التركمانية في العراق. وكان مجلس قيادة الثورة في العراق قد أصدر قرار بمنح الحقوق الثقافية للمواطنين التركمان في 24 كانون الثاني 1970.
وتعاني المرأة التركمانية من ذات الصعوبات التي تعانيها شقيقاتها العربية والكردية والسريانية من العراقيات، والشّعب التركماني رجالاً كانوا أو نساءً سوف يستمرون على الإبداع وخدمة الشعب العراقي والتركماني. وعلى الرغم من صعوبة الوصول والاهتداء إلى أول صحفية تركمانية. إلا إن الباحث د. نظام الدين أبراهيم أوغلو قد قدم جردا وافياُ لعدد لا بأس به من الأديبات والصحفيات التركمانيات، بما يمكّن من استخلاص أوائل الصحفيات التركمانيات، وإن أول مساهمة صحفية نسوية تركمانية – وفقا للمصادر التركمانية- هي نرمين نفطجي لعام 1956، وإن منور ملاّ حسون هي اول تركمانية تتولى رئاسة تحرير مجلة نسائية هي مجلة يلدز(نجمة)، وهي مجلة فصلية متخصصة تعنى بشؤون المرأة أصدرتها جمعية نساء تركمان العراق باللغتين العربية والتركمانية، وكما يلي:
الهام شاكر بيرقدار (1934)
ولدت في محلة بكلر بكركوك /كاتبة تركمانية بدأت بالكتابة في الستينيات.
آيدان النقيب (1946)
شاعرة، ولدت بكركوك. بدأت بنشر نصوصها الشعرية منذ الستينات.
باكيزة سليمان صديق (1951)
شاعرة تكتب نصوصها بالعربية والتركمانية.
منور ملا حسون (1953) شاعرة وناقدة مسرحية.
وكانت رئيسة تحرير مجلة (لآلئ كركوك) منذ 2003 لغاية 2005 والآن هي رئيسة تحرير جريدة القرار وهي سياسية ثقافية عامة. إضافة إلى ذلك رئيسة تحرير مجلة (يلدز) وهي مجلة نسوية تعنى بالثقافة والأدب النسوي.
الأنسة فيحاء زين العابدين (1954).
عملت في مديرية تلفزيون كركوك كمذيعة ومنسقة برامج للفترة من تموز/ 1971 لغاية أيلول / 1981.
الدكتورة سهام عبد المجيد (1955)
صحافية، حائزة على الدكتوراه في الأدب التركي من قسم اللغة التركية بجامعة بغداد. من مواليد خانقين. عملت في دار المأمون للترجمة ثم عملت لسنوات طويلة في جريدة (يورد – الوطن) التركمانية.
نرمين نفطجي
القاصة والكاتبة التركمانية المشهورة، بدأت بالكتابة منذ عام 1955.
نرمين المفتي (1959)
كاتبة وصحفية من مواليد كركوك عام 1959. خريجة كلية الآداب ـ الجامعة المستنصرية ـ قسم الترجمة. دبلوم في الصحافة من معهد الصحافة العالمي في بودابست. عملت في مجال الصحافة في مجلة ألف باء الأسبوعية (1980 – 1988). معدّة برامج تلفزيونية وإذاعية في تلفزيون العراق وإذاعة بغداد. عضو في هيئة تحرير الجمهورية (1993 ـ 2000). منتجة برامج في شبكة تلفزيون سي. إن. إن الأميركية في بغداد (2001 ـ 2005). كاتبة في جريدة الأهرام الأسبوعي باللغة الإنكليزية (من 2000 حتى اليوم). رئيسة مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة القلعة الأسبوعية التي تصدر في بغداد (من 2005 حتى اليوم). حازت على جائزة أفضل صحفي في العراق للأعوام 1985 ـ 1986 ـ 1989.
القاصة والكاتبة المشهورة مديحة احمد جميل
انتقدت مديحة قصة “دموع عاشقة” لكاتبها كاميل صبري اليائس– جريدة الآفاق، العدد 93 في 21/11/1956.
ليلى المفتي
صحفية كبيرة كانت لها تجربة مع الثورة الفلسطينية سابقًا في لبنان ناشطة سياسية، ناضلت عن حقوق التركمان منذ فترة عام 1955م.
كلشان البياتي
رسّامة في الفنون التشكيلية وكاتبة مشهورة والتي كانت محررة في جريدة (الآفاق)، تعيش في بغداد.
زهرة كركوكلي
كاتبة تركمانية مشهورة تكتب في جريدة الترجمان.
الكاتبة إنجي طارق
وهي صحفية تركمانية مشهورة وطبيبة بيطرية وعضوة في الجبهة التركمانية.
سهى الصراف
ولدت في كركوك وهي إعلامية وكاتبة تركمانية، بالإضافة أنها مذيعة في قناة تلفزيون تركمن إيلي.
ابتسام عبد الله
أول روائية ومقدمة برامج ثقافية في تلفزيون العراق وأول رئيسة تحرير مجلة ثقافية.
إن تاريخ الصحافة النسوية في العراق، وعلى الرغم مما يبدو عليه من ضعف وتشتت، إلا انه يؤرخ لنضال المرأة العراقية وشجاعتها في مقارعة الجهل والتخلف والتقاليد البالية، وتسعى لشق طريقها رغم كل الصعوبات والتضحيات، ولا نملك إلا أن نشّد على أيديها ونتمنى لها التوفيق والتقدم والتطوير، وكلنا على أمل أن نرى يوما مجلة متخصصة للمرأة العراقية عموما وتعتمد الأساليب الصحفية الحديثة وتلبي طموح عموم العراقيات.
وختاما نقول إن الكتابة عن تاريخ الصحافة أشبه بالدعوة إلى وليمة أو عرس فمهما اجهد الباحث نفسه إلا انه سيفاجأ بعد فترة طالت أو قصرت انه نسي أو سها عن ذكر البعض، وكل العذر في ذلك ظروف العراق وأرشيفه، ويبقى الاستعداد لأي إضافة أو تطوير أو تعديل رهن البحث الرصين.

د. رياض السندي – سويسرا

 

عن iwjf

شاهد أيضاً

رأي الناخب والناخبة في ترشيح المرأة للانتخابات

تقوم سيكولوجية الانتخاب على عملية اتخاذ القرار التي تشير إلى سلسلة من عمليات التقويم والتحليل والانتقاء للخيارات المتاحة قبل الشروع في الاختيار، فهي عملية مركبة تتداخل فيها جملة من العوامل الذاتية والموضوعية الخارجية والداخلية الأنية والمستقبلية. لتصفح الكتاب اضغط على الرابط بالاسفل كتاب-رأي-الناخب-والناخبة1تنزيل

error: Content is protected !!