بنين علي
حرية المرأة لا تتحقق
إلا بامتلاكها لذاتها وكيانها وحريتها في التفكير و التعبير والاختيار؛ محطمة بذلك
قيود التقاليد المزيفة التي ارتهن عليها البعض بتفسيراتهم الخاطئة المرتبطة
بالفساد والانحلال والتبرج ..
وبالرغم من ان اغلب الاديان اكرمت المرأة وجعلتها حرة ولها مكانة خاصة
الا ان هناك من خالف كل ذلك، وسعى لاهانة من تمثل نصف المجتمع بحجج واهية وغير
مقنعة تحت عبارات وافعال لا تمت لروح الانسانية.
وبين مؤيد ورافض استطلعنا اراء البعض من النساء والرجال كما راجعنا بعض اراء رجال الدين وما تضمنه الدستور بحثا منا عن مستوى الحرية للمرأة في مجتمعنا واين يكمن الخلل في مجتمع ذكوري يعاقب الانثى لأنها انثى!
نبراس احمد (33عام) من بغداد تروي قصتها لنا “منذ ان بلغت سنّ الرشد وانا على خلاف مع عائلتي وقيودهم لما اريد واطمح حتى وصل بي الحال بتُ اشعر ان لا وجود لي ولتفكيري واني مجرد دمية يتحكم بها الاخرين ولا وجود لشخصيتي وكياني خاصة بعد ان اجبروني على ترك دراستي وتزويجي من شخص اجهل عنه كل شيء، لأدخل في دوامة اخرى بطلها زوج خائن لا يمتلك سوى سلطة الضرب لتكون النهاية الطلاق وسلب حقي في حضانة طفلي “
اما رسل قاسم ٢٧ عام من محافظة كركوك تقول “كان عمري اثنان
وعشرون عام عندما تزوجت وكان زوجي ولا زال متفهم لحريتي في كل شيء ويحترم رأيي
وقراراتي وحريتي في التعامل وتربيتي لأطفالنا لأنه يثق بي ويعرف ان الحرية التي
منحها لي هي مقدسة ولم اعمل شيء يسيئ لي ولبيتي تحت ظل مفهوم الحرية التي يفسرها
البعض بشكل خاطئ” وتضيف رسل اكثر الاخطاء
التي تقع فيها اغلب العوائل العراقية تزويج الفتيات بعمر صغير وهذا يؤدي الى
مصادرة حقها في الحياة بشكل طبيعي الذي هو الاساس ليجعلها ناضجة وقادرة ان تحدد
مسارات حياتها ضمن سقف الحرية الممنوح لها في انها انسانة لها مشاعر وحقوق
واولويات.
ولكن في قصة اخرى كانت غريبة من نوعها يرويها المهندس اكرم محمد (37عام) من محافظة ذي قار جنوب العراق “ان زوجتي غير حاصلة على شهادة جامعية وكان شرطي للارتباط بان تكون زوجتي المستقبلية غير جامعية حتى لا تطالب بحق العمل والحرية فيما بعد” ويضيف اكرم “أنا مؤمن بانه لا يحق للمرأة العمل وممارسة حريتها اطلاقاً كونها اصبحت ام وزوجة علماً اني اكملت دراستي الجامعية في دولة اوربية وقضيت معظم حياتي خارج الدول العربية، لكن هذا لن يغير من ثقافتي الشرقية شيئاً كما اني اخشى ان تضعني زوجتي في مقارنة مع زملاء عملها في حال كانت امرأة عاملة وهذا ربما يتعدى حدود كثيرة قد تصل الى الخيانة” !
وبحسب قصة المهندس اكرم يتضح لنا ان الايمان بحرية المرأة لا يشكل عبئا وعيبا فقط لفئة الشباب والعوائل الذين يعيشون في مجتمع شرقي مغلق او فئة الشباب والعوائل غير المتعلمين ولكن حتى بعض الدارسين ورغم عملهم ومعرفتهم لثقافات اخرى لم يطرأ اي تغيير على ايدولوجيتهم .
هذه القصص جعلتنا نبحث في رأي رجل الدين العلامة الشيخ الراحل احمد الوائلي بشان حرية المرأة فيقول “المرأة لها مشاعرها وتطلعاتها ولها اختيارها ولا يجوز ان تجبر على شيء لا ترغب به وان اغلب النساء تصبح كارهة للدين وذلك بسبب ظلمها تحت حكم الدين الخاطئ وليس كل ما قال انه مسلم يمثل نظرية الاسلام حيث ان الاسلام اعطى للمرأة حريتها بحدود معقولة وضوابط والمرأة هي انسان حر وتملك اختيارها وهي ولي امر نفسها في الحدود المشروعة”.
واذا بحثنا في الدستور العراقي النافذ لعام (2005) فقد نص عبر المادة ١٤ على المساواة بغض النظر عن الجنس كما اشار في باب الحقوق والحريات على حقوق المرأة ومنع العنف والتمييز ضدها بأي شكل من الاشكال فضلاً عن مساواتها بالرجل في التمتع بالحقوق المدنية والاقتصادية والثقافية كما ضمن لها المشاركة السياسية
في النهاية الدين والدستور انصف المرأة في حريتها.. لكن من يعمل على انصافها ضمن سقف العدالة والانسانية ؟ سؤال يحتاج ثورة فكرية ومؤسساتية نضعها امام انظار الجميع.
#شهرزاد