بلد غني بالنفط.. مكتظ بالفقراء الجاهلين
انتاج متزايد فاق الثلاثة ملايين برميل يوميا وميزانية احتمت بمصدر واحد.. نفط وفير وفقر عميم.. صناعات استخراجية واحياء يعومون عليها دون الصيد منها
” النفط ملك للشعب العراقي” الدستور العراقي !!!
بقلم نبراس المعموري
النفط العراقي كان ومازال، قضية محورية في رسم خارطة الشرق الأوسط، وهو قضية اساسية في عدم استقرار العراق؛ فارتفاع احتياطي العراق الى (262) مليار برميل؛ جعله ثاني اكبر دول العالم بالمخزون الاحتياطي، بعد المملكة العربية السعودية.
حري بمنجز وهبه الله للعراقيين، ان يكون سبباً للتفاؤل بالرفاه والعيش الرغيد، الا ان تداخلات سياسية بحت، احالته الى عاملٍ رئيسيٍ لأن يعم الفساد، وتسود روح الانقسام، وتزداد حالات الفقر، لاسيما في الجنوب، الذي يعرف بانه مستودع النفط، فحتى اراضيه الزراعية لم تسلم من ان تكون حاضنه للبرترول.
من اصل (73) حقلا مكتشفاً لم يطور سوى (15) حقلا منتجا بالفعل لنحو 3.4 مليون برميل يومياً، رغم ان بعض هذه الحقول تضم مخزونا نفطيا هائلا، توصف علميا بـ (الحقول العملاقة) وفقا للمقاييس المعتمدة عالميا، مثل حقول: (مجنون) و(نهر عمر) و(الحلفاية) و(غرب القرنة) و(الناصرية) و(الرطاوي) و(شرق بغداد).
الصناعة الاستخراجية والتحويلية بقيت متخلفة، في العراق، حتى الان، ولعل استيراد المشتقات النفطية، كالبنزين وغاز أويل و نفط أبيض والغاز السائل؛ خير دليل على تردي واقع الصناعة.
قوة إيرادات النفط؛ ناتجة عن ارتفاع أسعاره عالمياً، وليس بفضل زيادة الإنتاج ومشتقاته، لكنها سببت الصراع السياسي داخل العراق، الذي يوشك في أحيان كثيرة، أن يفجر وحدة البلاد؛ مثل سعي إقليم كردستان للتوسع بحدوده، على حساب المحافظات الأربع المجاورة له، مهدداً استقرارها السياسي والاجتماعي، فضلا عن انتشار فساد منفلت من دون رادع، بشكل غير مسبوق؛ جعل العراق في مصاف الدول الثلاث الأولى عالميًّا، من حيث استشراء الفساد وزيادة الفقر الذي قدر بتسعة ملايين فقير رغم ان الدستور نص في مادته 111 النفط ملك للشعب!!!
النفط العراقي وعدادات الذرعة ..
لم يتوقف انتاج العراق من النفط بعد 2003، الا لفترات قليلة لا تتعدى الاشهر حسب راي النائبة سوزان السعد، والكميات المنتجة كانت ومازالت في تصاعد متواتر؛ إذ تجاوزت معدلات التصدير الـ (900) الف برميل يوميا، نهاية العام 2003 ، ثم تزايد الانتاج والتصدير بعد اصلاح بعض المنصات العاطلة، وتواصلت الكميات بالتزايد مع دمج انتاج حقول الاقليم، اضافة الى دمج انتاج حقول ميسان التي توقف العمل بها بعد حرب الخليج الثانية حتى وصل الرقم حاليا لحوالى ثلاثة ملايين برمـــــيل يوميا.
العدادات والرقابة الوطنية توقفتا منذ 2003وحتى الآن ما زالتا متوقفتين، كما ان تهريب النفط لحساب اطراف حكومية في الشمال والجنوب يتواصل، وكذلك عمولات شركات النفط الاحتكارية للجهات النافذة تتواصل من اجل الحصول على المزيد من الامتيازات وبشروطها.
تنوعت طرق سرقة النفط، فمنها ما جرى نتيجة عدم تواجد مقياس صحيح لتدفق النفط من الآبار وخطوط الأنابيب منذ 2003، وقد لفت المجلس الدولي للاستشارات والمراقبة المشرف على الموارد الطبيعية في البلاد، في بيان صدر العام 2006، إلى أن مطالبته لسنوات بنظام قياس دقيق لم تسفر عن نتائج ذات جدوى، واستمرت الحال على ماهي عليه رغم
مطالبة الأمم المتحدة، بتركيب مقاييس دقيقة لصادرات النفط.
بـلغ هـذا النـوع مـن السرقات ذروته خلال 2004 – 2005 عـندما كـان الـسعر الرسمي لغالون البنزين فـي الـعراق ثـلاثة سـنـتات في السـوق الرسـمية وأكثـر من دولار في السوق السوداء. لقد اشار تقرير الـمفتـش العام لوزارة النفط، الى أن الفترة بين شباط وأيلول 2005 شهدت سرقة نحو تسع شاحنات يومياً كانت تنقل منتجات البترول من البصرة إلى الأسواق العراقية الداخلية.
اما عام 2007 فقدر تقرير حول الأمن والاستقرار في العراق أصدرته وزارة الدفاع الأميركية أن نحو 70 في المائة من المنتجات المكررة لمصفاة بيجي.. الأكبر في البلاد.. جرت سرقته، وأن عدد منافذ بيع البنزين المسروق بالقرب من بيجي ارتفع من ثمانية في العام 2003 إلى أكثر من 50 في العام 2008 وجرى التعامل والانتهاء من هذه السرقات من خلال خفض دعم الوقود، ثم إلغائه من قبل وزارة النفط، بدءاً من 2010 ، ويرجَّح وجود معلومات أخرى ما تزال قيد الكتمان.
وجود منظمات تعنى بالشفافية في صناعة النفط العالمية، ساعد في معرفة مايحصل في قطاع النفط العراقي، لاسيما ماقدمته منظمة «أوبن أويل» وهي منظمة غير حكومية تعنى بهذا المجال، من ارقام اكدت ان الفساد المستشري في قطاع النفط، سبب رئيس وراء ارتفاع نسبة الفقر والامراض وتبوئ العراق المراتب الاولى في الفساد المالي والاداري.
تصريح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مؤخرا جاء مخيبا للامال، عندما قال: الحكومة العراقية لغاية الان لاتستجيب لنصب عدادات في موانئ التصدير، وهذا بحد ذاته انتهاك صارخ لمبدا الشفافية وسرقة اموال الشعب بطريقة اعتماد قياس (الذرعة).
ويشير تقرير قدمته شركة التدقيق الأمريكية (برايسووترهاوس) الى اللجنة الرباعية في باريس، خلال نيسان 2012 ، مبينا ان حجم الأنجاز من العدادات الواجب نصبها.. برا وبحرا.. لا يتجاوز 39% علما أنه لا يوجد ما يثبت أن العدادات التي نصبت في ميناء البصرة العميق، قد تم تعييرها، ومن المفترض ان يجري ذلك، بشكل دوري، أو أستعمالها فعلا في قياس كميات النفط المباع والمصدر!! ونظام (الذرعة) هو طريقة بدائية في احتساب كميات النفط المصدرة، بواسطة الناقلات البحرية، حيث توضع أشرطة قياس في حوض الناقلة، بعد تعبئتها بالنفط، ومن ثم تقدر الكمية، في ضوء إجراء عملية حسابية بسيطة، حيث اكد مدير المرحلة الأولى من مشروع تصعيد الطاقات التصديرية عمار العيداني: إن “العراق يمتلك ثلاث منصات عائمة جديدة لتصدير النفط الخام هي (جيكور) و(المربد) و(الفيحاء) منها منصتان قيد الخدمة، والثالثة لم تستخدم بعد” مبيناً أن: عمليات التصدير من خلال المنصتين العائمتين تعتمد طريقة (الذرعة) في احتساب كميات النفط لعدم اكتمال مشروع نصب منظومة عدادات قياس للمنصات!!!
ورغم ان خبراء ومتابعين للشأن النفطي اكدوا انه تم التعاقد على نصب منشآت جديدة كلفت الدولة حوالي 800 مليون دولار الا انها لم تتضمن العدادات، واستفهموا ما المبرر وراء عدم شمول نظام العدادات في هذه المنشأت؟
من جانبه، أكد مدير هيئة عمليات شركة نفط الجنوب باسم عبد الكريم ناصر أن “المنصات العائمة لا يتم التصدير من خلالها باستخدام عدادات القياس لان المنصات أنجزت حديثاً، موضحاً أن الفرق ليس كبيراً بين استخدام نظام الذرعة والعدادات الالكترونية، خاصة وان عمليات التصدير تنفذ تحت إشراف شركة أجنبية فاحصة تكون طرفاً ثالثاً بين البائع والمشتري لضمان حقوقهما”.والسؤال المطروح كيف يكون الفرق ليس كبيرا ونحن امام ملايين البراميل تقاس يويا بهذه الطريقة البدائية وحسب راي النائبة في لجنة النفط والطاقة سوزان السعد كيف الحال عندما تنقطع الكهرباء من يقيس كميات النفط المتدفقة والتي تعادل يوميا ثرورة !
جولات التراخيص:
لاتزال عقود التراخيص النفطية التي عرضتها وزارة النفط تثير جدلا ورفضا من قبل المختصين ، ف( 33) من أبرز خبراء النفط في العراق كانوا في وقت سابق قد طالبوا الحكومة العراقية في عريضة تقدموا بها بتأجيل عقود التراخيص وبرروا ذلك بان هذه العقود ستؤدي الى امتلاك الشركات الاجنبية التي تحصل على العقود نسبة 75% ولايملك العراق سوى 25% منها فنية وادارية وتتيح هذه العقود ان تعمل هذه الشركات لمدة عشرين عاما تنقب النفط وتستخرجه وربما تستمر الى ضعف المدة الوزير السابق ابراهيم بحر العلوم يرى ان هذه التراخيص استغلال واضح للثروة النفطية وان قانون حماية الثروة الهايدروكرونية 84 في سنة 1985 وقانون 97 والقوانين الاخرى والدستور لا يعطي الحق للوزارة او الحكومة بتوقيع هذه العقود الا بأصدار قانون يصدر عن البرلمان العراقي وبالتالي هي غير قانونية ويضيف ان هذه العقود تفتت وتلغي دور الشركات النفطية العراقية وسيفقد البلد السيطرة على ادارة العمل والاستثمار والعودة لنظام الاحتكار منبها ان تطوير قطاع النفط لايكون باللجوء الى عقود التراخيص وبطريقة غير متكافئة فهل يعقل ان تطرح وزارة النفط عبر الجولة الاولى على سبيل المثال لتشمل 80 بليون برميل من احتياط العراق المثبت في السوق الدولية من اصل 112 بليون برميل وهذا يؤكد غياب فلسفة الاستثمار التي تعتمد التنافسية والشفافية لتعظيم العوائد ويضيف كيف الحال بالعقود الاخرى التي وصلت لغاية الان الى الجولة الخامسة? بينما يدافع مستشار رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني عن هذه العقود ويرى بانها السبب وراء زيادة انتاج العراق الى ثلاثة ملايين برميل يوميا والزيادة قابلة لان تكون تسعة ملايين في العام المقبل وانتقد الشهرستاني اصحاب الراي الرافض لعقود التراخيص مؤكدا انهم لايدركون حجم الكارثة التي عاشها الاقتصاد العراقي وان هذه الترايص مصدر مهم لخزينة الدولة وان العراق لايمكنه ان يستخرج النفط مالم تكن هناك شركات متخصصة بهذا المجال .ورغم تباين الاراء الا ان مجلس النواب وهو الجهة الرقابية والتشريعية كان من الرافضين لهذه العقود واصفا اياها بغير قانونية وان عدم اقرار قانون النفط والغاز هو بحد ذاته خلل قانوني يؤشر على قانونية تلك التراخيص .في حين تؤكد وزارة النفط أنها تمتلك الحق القانوني في مراجعة عقود جولات التراخيص في حال تلكأت إحدى الشركات في تنفيذ بنود التعاقد مع الوزارة .وقال مدير عام القانونية في الوزارة ليث الشاهر إن وزارة النفط لها الحق القانوني في مراجعة جولات التراخيص في حال تلكأت إحدى الشركات في تنفيذ العقد المبرم مع الوزارة.
وأوضح أن الوزارة لها حق في فرض عقوبات جزائية وصولاً إلى فسخ العقد المبرم مع الشركة في حال اكتشفت ضعفاً في تنفيذ الخطة”, وعرضت العقود الأولية الخاصة بالرقع الاستكشافية لـ12 موقعا نفطيا وغازيا في العراق ، على 39 شركة أجنبية سوف تشارك في جولة التراخيص.الا ان الخبراء يصرون بان هذه العقود سرقة واضحة وشكل من اشكال الهدر للثروة الوطنية
سرقة النفط لتمويل الارهاب
ما يلفت الانتباه ان سرقة النفط اعطاه بعض النواب شكلا اخرا فقد كشف عضو لجنة الامن والدفاع النيابية حاكم الزاملي عن وجود عمليات سرقة منظمة تتم في المناطق الغربية للمنتجات النفطية تحت اعين مسؤولين في وزارة النفط والتي تستخدم عائداتها لتمويل العمليات الارهابية حسب قوله ! ويضيف الزاملي ان” المنتجات النفطية في العراق تتعرض لعمليات سرقة منظمة تتم على ايدي عصابات محترفة قامت خلال السنوات الماضية باختراع وسائل ماكرة ومتنوعة في الحصول على النفط لتمويل العمليات الارهابية وقتل العراقيين باموالهم” على حد قوله”. وتابع ان” الوعي الاستخباري لدى الاجهزة الامنية تطور بشكل ملحوظ ما ادى للحد من عمليات التهريب في المناطق الجنوبية الا ان الامر في المنطقة الغربية مختلف اذ ان الكثير من المناطق الغربية غير مسيطر عليها بالكامل ودليل ذك ان العصابات المذكورة تمكنت خلال شهر واحد من انشاء 15 صماما في الليل وبالتعاون مع مسؤولين في المصافي والمستودعات للتأكد من الاوقات الملائمة لثقب الانابيب وتركيب الصمامات “.
لقد بلغت إيرادات النفط : منذ عام 2003 ولغاية آذار 2011- وهي ثمان سنوات- نحو (289) مليار دولار.. بينما بلغت إيرادات النفط منذ عام 1970 لغاية عام 2003 – وهي فترة تقرب من أربعين عاماً- نحو (262) مليار دولار!!، كما بلغت أرقام الإيرادات منذ عام 1920 ولغاية 2003 بحدود (270) مليار دولار، فيما بلغت هذه الإيرادات خلال فترة التغيير وعقود التراخيص (289) مليار دولار!!
وهدفنا الأساس طرح الأسئلة التالية: من ارتكب هذه السرقات امام عدد مسميات الجهات التي تشرف وتعمل في قطاع النفط ؟ وهل سرقة ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من النفط ممكنة من دون معرفة الجناة وعدم رفع دعاوى ولو غيابياً عليهم؟ ومن الضحية جراء استفحال الفساد وغياب الشفافية في هذا القطاع المهم؟
السرقات المتكررة للثروة الوطنية، حسب الارقام التي سجلتها المنظمات الدولية والمعنيين من الخبراء، ادت الى نتائج سلبية كبيرة، منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، فقد اهمل الجانب المجتمعي والتعليمي واصبح المشهد الدائر، هو ضمان الاحزاب حصتها الاوفر من النفط، بغياب السيطرة الحقيقية والشفافية في رصد العائدات، وابرام العقود، التي يسمع بها المواطن من دون ان يعرف ماله وماعليه.
يعتقد البعض أن بلدا غنيا بالنفط هو أفضل مكان للعيش، لكن الامر يختلف في العراق، الذي يمتلك حوالى 11% من إجمالي مخزون النفط العالمي وفيه مئات المواقع المحتملة التي لم يجرِ التنقيب عن الذهب الاسود فيها.
بينما مواطنه يعيد ترديد بيت الشعر الذي كتبه الشاعر بدر شاكر السياب:
“ما مر عام والعراق ليس فيه جوع”.
500مليار دولار مجموع موازنات العراق منذ العام 2003 حتى 2013 اعتمدت النفط المصدر الاول والاخير، واليوم يضع العراق موازنة فلكية، بلغت 120 مليار دولار للعام 2013 تعادل موازنات سنوية لأكثر من خمسة بلدان عربية مجتمعة، هي: مصر وسوريا والاردن ولبنان والسودان، الا ان المحصلة مرة بكل ما تعنيه المرارة، من عيش ضنك، لا يستطيع تحمله، حتى المحسوب على النظام القائم؛ فقد اشار مهدي العلاق.. وكيل وزارة التخطيط العراقية، الى ارتفاع مستوى الفقر في العراق بمعدل تسعة ملايين فقير، والبطالة الى اكثر من 33 بالمئة.. 500 مليار دولار والعراق يعاني من اكتظاظ المدارس وانقطاع الكهرباء وشحة الماء الصالح للشرب، ومن دون ابسط انواع الخدمات العامة، في قطاعات الصحة والسكن وسواهما من تدهور ناشئ من اهمال الحكومة للدولة، متنكرة للناخبين، بعد ان تربعت على عرش السلطة، لاحسة وعودها.
أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية عبد الرحمن المشهداني علق على تقرير وزارة التخطيط بالقول إن تقرير الوزارة السابق في العام 2007 اظهر أن عدد الفقراء كان سبعة ملايين عراقي، واليوم وبدل أن تنخفض هذه النسبة ارتفعت الى تسعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر وهو رقم خطير يوجب بمحاسبة الشعب.
استغرب المشهداني تركز الفقر في المحافظات الجنوبية التي قال إنها مصدر النفط وهي التي تمويل الميزانيات المتتالية.. سنويا، واستنكر عدم تدارك الحكومة هذه المآسي، رغم أن عددا كبيرا من أعضائها أصلهم من الجنوب، حسب قوله.
من المفارقات الغريبة أن محافظة البصرة تشهد باستمرار أعمال الحفر في حقول نفطية كحقل القرنة الغربي غير أن في البصرة فقراء معدمين لا يملكون أي شئ تقريبا وفوق كل هذا انتشار التلوث البيئي، يزيد حالة الوفاة والامراض المسرطنة.
ولتوضيح هذه المفارقة تحدث مستشار محافظ البصرة عباس الفضلي، قائلاً: عوائد النفط البصري تذهب إلى الخزينة المركزية، واقر بوجود فقر في المحافظة، الا انه بذات الوقت يقول إن: المنطقة بدأت تشهد نوعا من الاستقرار منذ العام 2010 ، ما يعني أن الأمور في طريقها إلى التحسن.
في حين النائبة سوزان السعد.. عضوة في لجنة النفط والطاقة البرلمانية ترى عكس ذلك، مؤكدة على ان الفقر اصبح السمة السائدة رغم ارتفاع كميات انتاج النفط الذي يصدر غالبا، عن طريق البصرة التي تنتج حقولها اكثر من مليوني برلميل يوميا. ولا نخفيكم سرا حال البصرة لايختلف عن حال كركوك التي تاتي بعد البصرة بالانتاج .
شخص معنيون وخبراء بشان الاقتصاد اسباب تردي الواقع المعاشي والخدمي الى السياسة الاقتصادية، القائمة على النفط، والمحصورة بأشخاص معينين يوزعونها في إطار المحسوبية والمنسوبية والمحزوبية.. أي الانتماء إلى أحزاب معينة. كما ان انتشار الفساد يقضم الثروات العراقية قضما مريعا، بمعونة من غطاء قانوني يتمثل بغياب الرقابة على ملفات قطاع النفط، وكشف المتورطين فيها كما تاخر اقرار قانون النفط والغاز وغموض مواد الدستور المتعلقة بالثروة النفطية كان سببا رئيسيا في استشراء الفساد.
الدستور العراقي ..
مر دستور 2005 على (الثروة النفطية) في مواد غامضة تخضع للاجتهاد.. قابلة للتفسير وفق اهواء النفس الامارة بالسوء؛ اذ ان الفقرات لمتعلقة بالفيدرالية والأقاليم، وردت في الدستور، معززة بنصوص أكثر غموضًا فيما يتعلَّق بإدارة الثروات النفطية وهيكلية مسؤوليات القطاع النفطي، وبشكل خاص المواد (111) و(112) ما حفز البعض وبشكل خاص سلطة إقليم كردستان على فرض أسلوب لا مركزي بإدارة شؤون النفط في وقت لا تسمح فيه الجيولوجيا والجغرافيا بذلك، وما نجم عنها من تبعات وارتباطات طائفية ومناطقية وحزبية ومصالح شخصية.
شجَّع المثال الكردي، المحافظات الاخرى على اقتدائه، مثل البصرة، وميسان، والناصرية، والأنبار، وربما عن قريب في محافظات أخرى؛ جراء الفساد المستشري من دون رادع وغياب الخدمات وارتفاع نسبة الفقر.
ورغم الغموض الذي فسره خبراء في الدستور لاسيما مايتعلق بالثروة النفطية الا ان رئيس لجنة النفط والطاقة البرلمانية علي الفياض يرى ان الدستور واضح في تشديده على ايجاد صيغ تفاهم مشتركة للتنسيق بين الوزارات المتخصصة ولوضع التشريعات المناسبة لتطوير الصناعة الاستخراجية والتعاون مع المنظمات المعنية لتطوير هذا الواقع، مثل منظمة الشفافية العالمية بغية الحفاظ على ثروات الشعب العراقي، موضحا ان الدستور كان صريحا للغاية في تحديد صلاحيات الحكومة والاقاليم المنتجة للنفط في كيفية ادارة شؤون النفط والطاقة في العراق، لاسيما ان الدستور نص وبشكل واضح ووفقا للمادة 111 منه على ان النفط ملك للشعب العراقي، وينبغي المحافظة على تلك الثروات.
قانون النفط والغاز
حدث انقسام حاد بعد 2003 شكل فجوة، قابلة للنمو مع استمرار العملية السياسية، بحيث تتحول الى شرخ؛ فكان لابد من أن تصدر قوانين تلغي أو تعدل القوانين النافذة.
قدمت جهات أميركية رسمية وغيرها مقترحات لتشريعات جديدة؛ إلا أن وزارة النفط عملت خلال العام 2006 على إعداد مسودة قانون جديد للنفط والغاز، وبعد تفاوض مع إقليم كردستان وبتداخلات مباشرة وغير مباشرة من الإدارة الأميركية العليا ومستشاريها والسفارة الأميركية، تمت الموافقة -في فبراير/شباط عام 2007م- على مسودة نهائية بعد تدخل مباشر للسفير الأميركي زلماي خليل زاده، وتبنى مجلس الوزراء فورًا تلك المسودة خلال جلسة مقتضبة عاجلة، دون أن تطرح المسودة على الخبراء والمختصين أو الرأي العام، واتفق على إصدار أربعة قوانين خلال فترة لا تتعدى بضعة أسابيع؛ تشمل:
· قانون النفط والغاز.
· قانون إعادة تنظيم وزارة النفط.
· قانون توزيع الموارد المالية.
· قانون إعادة تأسيس شركة النفط الوطنية.
حظيت مسودة قانون النفط باهتمام بالغ من النخب السياسية والنفطية لتعلقها بأهم مصدر للثروة العراقية في الوقت الحاضر، ولذلك انقسم الراي حيالها الى اتجاهين الاول يطرح فكرة تاجيل تشريعه في الوقت الحاضر لاسباب اهمها ان الدستور العراقي معرض للتعديل حسب نص المادة (132) منه بعد بضعة اشهر، ولن يكون معقولا وضع قانون النفط والغاز قبل انتهاء التعديل اذا من المفروض ان يصاغ القانون وفق نصوص الدستور، وان الظرف الامني لا يساعد على الاستثمار في الوقت الحاضر وبالتالي لا يمكن ان ينفذ في ظل الظروف السائدة الان.
اما الاتجاه الثاني،فيركز على الاسراع في تشريع القانون كون العراق بحاجة ماسة الى تطوير طرق اكتشاف وانتاج النفط والغاز ليحصل على اكبر فائدة ممكنة لتطمين حاجته الملحة للتنمية الاقتصادية ولا حيلة له غير ذلك، اذ لا توجد موارد اخرى غير النفط.
تشريع هذا القانون الان يساعد على التعجيل بالتنمية الاقتصادية التي من اهم اهدافها القضاء او تخفيض مستوى البطالة الخانقة في العراق.
رغم ان الوزارة بحاجة الى قانون النفط والغاز الذي ينظم ادارة القطاع النفطي. الا ان القانون ما زال مرهونا برفوف مجلس النواب، الا ان المعارضين له يرون بان مسودة قانون النفط والغاز لعام 2011 اعطت دورا واضحا لمجلس الوزراء والمجلس الاتحادي للنفط والغاز، وهذا يتنافى مع ماجاء في الدستور الذي ينص بمادته 112 الفقرة الاولى، على ان تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز في الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة.
احتفظت وزارة النفط العراقية بدور سيادي وتنفيذي وصلاحيات مهمة لادارة الملفات النفطية وانفردت بعمليات التسويق. ومسودة القانون تشير الى تاسيس شركة النفط الوطنية كمفصل سيادي تنفيذي يقوم بالعديد من العمليات البترولية وادارة شبكة خطوط النقل واحواض الخزانات ومرافئ التصدير، لكي تتفرغ الوزارة الى مسؤوليات اخرى، كما انها لم تعط الاولوية لشركة النفط الوطنية في حق الاستكشاف او التطوير وعاملتها بالمثل مع الشركات الاجنبية مما نجده ضروريا لتكون رائدا في المستقبل.
الجهات الرقابية
تعددت الجهات الرقابية فبعضها انيط بعمل مجلس النواب كونه يمثل الجانب الرقابي والتشريعي وتشكلت ضمنه لجنة النفط والطاقة التي الفت من 17 برلمانيا ويراسها احد اعضاء القائمة العراقية، لغاية الان لم تشهد هذه اللجنة جلسة استجواب للجهات المعنية بقطاع النفط وعزى بعض النواب غياب الدور الرقابي للتوافقات السياسية وخضوع ارادة النواب لمن يراس الكتل النيابية لاسيما ان مستشار شؤون الطاقة في مجلس الوزراء هو من الحزب الحاكم وقد سعت لجنة النزاهة البرلمانية والمختصة بمتابعة ملفات الفساد الى استجواب المعنيين في هذا القطاع الا ان كل محاولاتها باءت بالفشل للسبب ذاته الذي عرقل عمل لجنة النفط والطاقة حتى في الوصول الى الصيغة النهائية لقانون النفط والغاز الذي مازال مرهونا بقرار من مجلس النواب رغم مرور دورتين برلمانيتين.
اضافة الى لجنتي النفط والنزاهة هناك هيئة النزاهة ومديرية المفتش العام وديوان الرقابة المالية ورغم تعدد الجهات الرقابية الا انها لم تحقق شيئا يذكر لغاية الان ولعل تعثر العمل الرقابي كان سببا في ان يحتل العراق الصدارة في ملفات الفساد المالي والاداري لاسيما في قطاع النفط الذي رغم وفرته يعاني من تلكؤ صناعاته التحويلية واعتماده على المستورد من البنزين والغاز .
وامام غياب المنظومة القانونية والرقابية تتعدد المشاهد المؤلمة لعراق استشرى الفساد فيه واصبح النفط نقمة وليست نعمة ولعل وجود اطفال يبحثون في القمامة ويتسرطنون نتيجة التلوث الذي يصاحب عمليات الاستخراج غير الممنهجة، ضريبة كبيرة يدفعها ابناء هذا البلد و قصة عبد الرحمن، خير دليل؛ فهو يقطن مكبا للنفايات في البصرة، مات ابنه البالغ تسع سنوات بسبب تلوث بيئي ونقص الخدمات الصحية .. عبد الرحمن واحد من بين ملايين الفقراء في العراق ، كثيرة هي القصص التي يكون الانسان ضحيتها، رغم انه يقطن ارضا غنية بالنفط فقيرة بالالتزام والمسؤولية اتجاه مواطنيها
….في بلد النفط.. عراقيون يلجأون لجمع القمامة لإطعام عائلاتهم…
السيدة نبراس المعموري المحترمة اعتقد ان عنوان مقالك غي صحيح لان الكثير من الفقراء ليسوا بجهلة لو قلت بلد غني بالفقراء والجاهلين لكان أصح .. مع التقدير
شكرا جزيلا على الملاحظة وحصل خطأ