سرى عدنان
في ظاهرة شكلت عنفا جديدا على النساء واخذت تتسع لتسلب حقوقها أمام انظار الشرع والقانون وهي (التنازل عن الميراث) أما بالإبتزاز العاطفي أو خجلهن من مطالبة حقهن في تركة الاباء والازواج أو بالتهديد الذي قد يصل الى الشروع بالقتل اذا ما تنازلن عن حصصهن المقررة بالقسامات الشرعية . قصص من عموم العراق لنساء سلبت حقوقهن الميراثية تحت مظلة المنظومة العشائرية واراء لمختصين في الشريعة والقانون يدينون هذه الظاهرة ويعدونها عنف اخر يضاف الى سلسلة انواع العنف التي تتعرض لها النساء .
روت السيدة (أميرة كاظم 58 عام) التي تسكن بقرية زراعية في الناصرية جنوبي العراق عن ظلم اخوانها وأعمامها لها ولشقيقتيها قائلة:” كان ابي يملك أراضي كثيرة مزروعة وكنا انا وأخواتي الاثنتين نتشارك في الزرع والحصاد منذ بزوغ الفجر حتى بعد العصر تزوجت واصبحت أم و أب لأربع فتيات وصبيان بعد وفاة زوجي واصبحت ارملة منذ كان عمري سنة41 وبعدما توفى ابي طلبت حقي لأعيل اولادي اليتامى ولكني قوبلت برفض إخوتي وأعمامي لحقي وابلغوني ان لا حق للنساء عندنا وهددوني انا وشقيقتاي اذا قمنا بالشكوى في المحكمة سوف يقتلونا ويهدر دمنا وكأنه غسل عار وهددني اخي بقتل اولادي اذا طالبت بإرثي وعندما طالبت اختي الاصغر حقها قام اخي بضربها وحبسها دون رحمة رغم علمهم اننا بحاجة المال حتى استسلمنا ونسينا حقنا وكأننا لم نتعب يوما بهذا الميراث”.
وفي قصة موجعة قصتها (أم نور) من الموصل شمالي العراق ذات العقد الاربعيني :”توفى زوجي بحادثة غرق تاركا لي ثلاث فتيات في بيت ايجار عملت كخبازة للجيران لأستطيع دفع ايجار بيتي الذي يأوينا عانيت ماعانيته لأربي بناتي وقاسيت ظروف الحياة التي قسمت ظهري تركوني أهل زوجي لتحمل المسؤولية والفقر في آن واحد وبعد أن طفح الكيل وكبروا بناتي طلبت حصة زوجي بميراث أبيه لألبي حاجات بناتي لكنهم رفضوا وطردوني وعندما رفعت قضية لأطالب بحقي هددوني بأخذ بناتي مني وتزويجهن لاولادهم وعندما رفضت واصريت على المطالبة قاموا بحرق بيتي وجعلوا الناس يتصدقوا علينا ومن شدة خوفي على أرواح بناتي سحبت الشكوى وانتقلت الى محافظة أخرى”.
ولم تنحصر طرائق سلب حق النساء على الذكور فقط إذ روت الفتاة العشرينية (ش.ج) من ديالى وسط العراق قصة تحايل اهلها وبالذات امها قائلة :”ارغمتني امي على التنازل عن حقي في تركة ابي الشهيد بحجة انني بنت مقبلة على الزواج ولا يوجد شخص يستحق ان ينعم بمال ابي غير اخوتي واذا عصيت امرها ستقاطعني ولن ترضى عني الى الابد وهددتني بتزويجي لاي شخص يطرق بابي وحرمتني من الزواج بمن ارغب بتحريض من اخوتي وبعد فترة من التهديدات والضغوطات تنازلت عن حصتي لاخوتي بنفس مغصوبة بالمحكمة و جعلوني اوقع على تعهد عدم مطالبتي بحصتي مرة أخرى “.
بينما أكد المشرع الديني الشيخ حيدر التميمي ان حرمان النساء حقهن بالارث انتهاكات ذكورية ظالمة قائلا:”أرفض هذه الاعراف السائدة رفضا قاطعا فحقوق النساء بالارث مقررة بالاسلام ومؤكدة بأيات واضحة وصريحة في القران الكريم وان الاسلام يدين هيمنة الذكور سواء كان زوج أو أخ أو ابن على حق الوارثة و يحرم شرعا ويعتبر مال سحت حرام”.
ومابين الدين والقانون اللذان يشتركان برأي واحد هو احقية المرأة بالحصول على حقها بالإرث وهذا ما أكدته المحامية (زينب جواد) قائلة:”القانون يمنح المرأه حقها بالحصول على حصتها من تركة الاب أو الزوج من خلال القسامات النظامية لكن هناك مشكلات نرصدها لبعض المجتمعات العشائرية والمحاكم هي الاصرار على اخذ حق النساء بشكل مغصوب عليها من قبل الأخ او العم او الخال أو اهل الزوج المتوفي فتهدد أما التخلي عن حقها او اخذ اولادها وحرمانها منهم أما اذا كانت غير متزوجة فأما بالتحايل أو التهديد تتنازل عن حقها كمقاطعتها او عدم ايوائها بعد وفاة ذويها فالخوف من الضياع والتشرد وكسب ود الاهل كي لا يتخلون عنها فتكون مجبرة على التنازل وبعض الاحيان تهدد الفتاة بالقتل اذا ارادت رفع دعوة او شكوى تطالب فيها بحقها”.
الخوف من قطع جسور القرابة بين الاهل والاقارب ومن العزلة الاجتماعية بقيت هذه القضية المعلقة عبأ على المرأة حتى يومنا هذا وتردد النساء وخجلهن من المطالبة او لعدم القدرة على مواجهة ردود أفعال الاهل التي قد تصل الى المقاطعة والتهديد بالقتل متناسيين ان هذا حق طبيعي مشرع بكل الاديان والمجتمعات وواجبه أن يقرب الاهل والاخوة والوقوف مع اخواتهم وبناتهم ودعمهن حيث ان هذا الحق يسهم في ارتفاع مستوى معيشتهن اذا كان متدني أما في حال عدم إعطاهن حقهن فقد أقر القانون ادانة اي حق مغتصب في ميراث النساء بعقوبة الحبس أو الغرامة المالية بحسب الشكوى المقدمة.