الرئيسية / دراسات / دراسات: مراجعة تاريخية للتمثيل السياسي للنساء في العراق واهم التحديات التي تواجهها / د.شهيد الغالبي

دراسات: مراجعة تاريخية للتمثيل السياسي للنساء في العراق واهم التحديات التي تواجهها / د.شهيد الغالبي

مراجعة تاريخية للتمثيل السياسي للنساء في العراق واهم التحديات التي تواجهها

اعداد : د. شهيد الغالبي عضو مجلس محافظة ذي قار

المقدمة:
ان التمثيل السياسي للمرأة دليل على وعي المجتمع لذاته وحضارته فالمشاركة السياسية ظاهرة حضارية كما هي ظاهرة سياسية وحينما يصل المجتمع الى مرحلة معينة من الرقي والتقدم فأن مسألة التمثيل السياسي للمرأة تصبح من قضاياه الأساسية وعلى الرغم من ان المجتمع العراقي كان من المجتمعات السباقة لإدخال المرأة في سوق العمل وميدان التعلم الا ان ذلك لم يرافقه مشاركة واسعة في النشاط السياسي للمرأة ولا سيما خلال العقود التي اعقبت تأسيس الحكم الوطني في العراق بعد العام 1921م الا ان مشاركتها في المفاصل الاساسية بقيت هامشية ولم تكن فاعلة في اتخاذ الكثير من القرارات المصيرية التي مر بها العراق في العقود التي سبقت العام 2003م ورغم التحول السياسي الكبير الذي جرى في العراق بعد العام 2003م وما رافقه من دعوات للتحديث فأن دور المرأة بقي محدداً بإطار الحصة الانتخابية أو الكوتا والتي حددت نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية سواء بالبرلمان او في مجلس الوزراء ولا بد من القول تنامي وتناقص دور المرأة في الحياة السياسية معروف بمدى وعي الافراد بحق المرأة ومشاركتها في السلطة والعمل على تعديل بعض التقاليد الموروثة التي تحول دون مشاركة المرأة وتدخلها على جهة دون أخرى من التيارات السياسية.
المحور الأول: نبذة مختصرة عن التمثيل السياسي للمرأة
لقد بدأت المطالبة بمنح حق التصويت للنساء في القرن التاسع عشر من قبل الحركات النسوية الأمريكية والبريطانية وخاصة بين الشريحة المتعلمة من النساء وقبل ذلك بدأت المطالبات بقوانين وتشريعات تضمن حق الزواج وحق التملك وسن التشريع التقدمي في امريكا وقوانين الامومة والعمل في اوربا الغربية.
تعتبر نيوزلندا أول دولة سمحت للمرأة بالتصويت في العام 1893م.
الثورة البلشفية في روسيا الاشتراكية كان لها دور كبير في الترويج وترسيخ مساواة المرأة حيث الغت سيطرة الكنيسة على الزواج وحققت المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وكانت الكسندرا اول امرأة شغلت منصب وزير. قامت الولايات المتحدة بتعديل الدستور لتسمح للمرأة بالتصويت في العام 1920م. أما الدول الأوربية فإنها منحت حق التصويت للمرأة بعد الحرب العالمية الثانية بما فيها فرنسا وإيطاليا واليونان وسويسرا.
الاكوادور اول دولة في امريكا اللاتينية ، اعترفت بحقوق المرأة السياسية عام 1929م وفي اسيا كانت منغولية اول دولة حصلت المرأة فيها على حق التصويت في العام 1929م، أما المكسيك فقد حصلت المرأة على حق التصويت في العام 1953م.
الحركات النسوية والتقدمية واصلت النضال لزيادة التمثيل السياسي للنساء مما أدى الى تدخل الأمم المتحدة للمشاركة في قضية المرأة حيث عقدت في عام 1945م اول مؤتمر لحقوق المرأة وكذلك في الاعوام 1980م، 1985م، 1995م وسميت فترة ما بين عام 1976م – 1985م بعقد المرأة حيث اصبحت قضية المرأة مكاناً بارزاً في جدل عمل الامم المتحدة.
ولكن مع هذه المشاركة في الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية فإنهن يمثلن نسبة ضئيلة في المراتب العليا والقيادية صاحبة القرار.
تضاعف عدد النساء في برلمانات الدول الغربية 1975-1995 ووصلت الى 11% ولكن انخفض التمثيل السياسي في الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي من 20 الى 30 ايام سلطة الحزب الشيوعي الى نسبة 8-18% اما الدول الشيوعية الصين وكوريا الشمالية وفيتنام فأن تمثيل النساء يصل الى 20% أما في الدول العربية والإسلامية فإن التمثيل لا يزيد على عدد اصابع اليد والنقاشات لا زالت محتدمة حول السماح للمرأة بقيادة السيارة أو السفر مع المحرم.
اما في العراق فقد شهد غياب النساء عن مواقع صنع القرار منذ عقد السبعينيات مروراً بمراحل الحروب المتتالية الى عام 2003م وسقوط النظام السياسي. كانت للنساء مشاركة في الاحزاب المعارضة للنظام السياسي آنذاك وقد برزت النساء في فترة نضال الاحزاب السياسية فقد قاتلت المرأة في صفوف الانصار في الحزب الشيوعي بكردستان وانظّمت ضمن قوات البيشمركة في الاحزاب الكردية وبلغت نسبة تمثيل المرأة في برلمان كردستان نسبة 7% وعينت السيدة كافية سلمان اول وزيرة للبلديات عام 1996م وتشارك اليوم 29 نائبة من اصل 111 نائب في برلمان كردستان و3 وزيرات من 40 وزارة. وكان التمثيل السياسي في مجلس الحكم الانتقالي 3 نساء من اصل 25 عضو في العام 2004م وعندما شكلت الوزارة كان للنساء 4 نساء من اصل 31 وزارة وقد نصت المادة/ ج من قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية ( ان يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من اعضاء الجمعية) ثم جاءت المادة 3 رقم 96 الصادر من حكومة الائتلاف (قانون الانتخاب) يجب ان يكون اسم امرأة واحدة على الاقل ضمن اسماء ثلاث مرشحين في القائمة ونتيجة لتطبيق هذا النظام كان عدد النساء 87 امرأة من اصل 275 وشغلت النساء 6 حقائب وزارية من اصل 36 وزا ة شكلت نسبة 11% من التمثيل السياسي ثم تحقيق نسبة 25% واليوم ينص الدستور على نسبة ال 25% تمثيل للنساء حسبما تصت عليه المادة 49 الفقرة رابعاً وفعلاً تم انتخاب 74 امرأة بنسبة 8’25% لكن التمثيل النسوي في الحكومة التنفيذية محدود كان بأربع وزارات ثم تراجع العدد بعد انسحاب وزيرة الدولة لشؤون المرأة.
المحور الثاني: أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي
ان مشاركة المرأة في العمل السياسي له أهمية كبيرة جداً تتأتى من:
1- مشاركة المرأة في العمل السياسي تخرجها من الحيز الخاص بها والمتمثل بالأسرة.
2- تساعد على اعادة النظر بالتصورات والرؤى التي تحكم تقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة.
3- الدفع بقضية المرأة لكي تتحول الى قضية اجتماعية عامة يعنى بها المجتمع ولا تنفرد بها المرأة.
4- تساعدها في الحصول على الحقوق وممارستها ادارة وتوجيه المجتمع.
5- ان مشاركة المرأة في العمل السياسي تخدم فكرة المساواة ليس بين الجنسين بل بين جميع المواطنين ومفهوم المساواة بين الجنسين هو تجسيد للمساواة بين المواطنين.
6- مشاركة المرأة في العمل السياسي على قدم المساواة مع الرجل تشكل احدى آليات التغيير الديمقراطي في المجتمع.
7- المشاركة السياسية للمرأة تعطي المرأة قدر اكبر على التحكم في امور حياتها وأمور الاخرين في الاسرة والمجتمع.
المحور الثالث: التحديات والصعوبات التي تواجه المرأة في المشاركة السياسية
لعل الحديث عن صعوبة المرحلة التي يجتازها العراق بالنسبة لكل العراقيين قد تكون مضاعفة بالنسبة للمنشغلين بالشأن السياسي وبالتأكيد الامر مضاعف بالنسبة للنساء وهذا يتأتى من الاتي:
1- تردي الاوضاع السياسية حدد من حركة السياسيين وأثر على الاداء وخاصة المرأة.
2- العادات والتقاليد وطبيعة الثقافة الذكورية وعدم تعود المجتمع على رؤية النساء في مواقع صنع القرار.
3- التفسيرات المشوهة لموقف الدين من المرأة والشك في جدوى مشاركة النساء في الحياة السياسية.
4- عدم اسهام الاحزاب السياسية في تطوير كوادرها النسوية وتأهيلها لمواقع القيادة وتعمل احياناً لإبعاد النساء في المواقع الحزبية القيادية.
5- اقتصار وسائل الاعلام في التعاطي مع النائبات فيما يخص قضايا المرأة حصراً.
6- طبيعة النظام الانتخابي (الانتخاب بالقائمة).
7- محدودية الخبرة في العمل السياسي لعدد كبير من النساء المنتخبات.
8- اسباب دستورية وعدم وجود نصوص دستورية على المساواة بين الذكور والاناث فيما يخص بعض الحقوق السياسية.
9- النسق الثقافي والقيمي الذي يكرس صوراً نمطية عن المرأة ودورها في المجتمع.
10- ارتفاع نسبة الامية بين النساء لها اثر سلبي.
11- عدم وجود منظمات نسوية في داخل العراق يمكن ان تتبنى مسألة المطالبة بمشاركة النساء في موقع صنع القرار ومشاركة المرأة في العمل السياسي.
12- عدم احترام الدولة لإلتزاماتها عند المصادقة على الاتفاقيات الدولية.
13- وجود قوانين عديدة تكرس التمييز ضد المرأة منها قانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات فيما يخص الزنى وجرائم الشرف وقانون الجنسية الذي يمنع المرأة عن حقها في اعطاء الجنسية لإولادها وزوجها.
14- حق استقلالية المرأة وتبعتها دائمأ للرجل مما يزيد من صعوبة مشاركتها وتمثيلها السياسي.
15- الجمع بين العمل داخل المنزل وخارجه يثقل كالها ويمع عنها فرص تنمية دورها في الحياة العادية.
16- غياب ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان وشيوع ثقافة الاستبداد والتسلط الامر الذي يحرج النساء من المشاركة والتمثيل.
17- ضعف القوى الديمقراطية والمدنية وتفككها يغيب دور المرأة ويعمل على تهميش مشاركتها السياسية.
18- تنامي الخطاب الديني الاصولي.
19- هيمنة العقلية القبلية والعشائرية والطائفية في بنية المجتمع.
20- انتشار الفقر وارتفاع نسبة البطالة بين النساء.
21- عدم امتلاك المال من قبل النساء للمشاركة في الانتخابات .
22- صورة المرأة عن ذاتها وضعف ثقتها بنفسها وعدم وعيها بأهمية دورها السياسي.
المحور الرابع: المهمات اللاحقة للوصول بالمرأة الى التمثيل السياسي والمشاركة في الحياة السياسية.
من اجل تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والوصول الى مواقع صنع القرار يجب:
• تغيير وتطوير برامج الاحزاب السياسية بحيث تقر فيها المساواة بين الجنسين وممارسة التميز الايجابي لصالح المرأة وتشجيع العنصر النسوي في الحياة الحزبية.
• العمل المشترك بين المنظمات النسوية والاحزاب اليسارية والديمقراطية والعمالية والمنظمات الحقوقية لتطبيق الاتفاقيات الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة ومنها المادة (7) في الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية.
• تركيز المنظمات النسوية على زيادة وعي المرأة بأهمية المشاركة في الحياة السياسية والنضال الدؤوب للوصول الى صنع القرار وفرض تطبيق قوانين ودساتير مدنية متحضرة.
• دعم النساء المرشحات لعضوية البرلمان او المجالس البلدية مادياً ومعنوياً واعلامياً والعمل على تدريب النساء من اجل الحول على مهارات انتخابية وسياسية .
• للتحرر الاقتصادي للمرأة دور كبير في تعزيز دورها في المشاركة السياسية.
• استقلالية المنظمات النسوية من التبعية للأحزاب السياسية الغير داعمة لتحرر المرأة.
• عدم فصل قضية المرأة عن المجتمع واصرار المنظمات النسوية والحقوقية والمدنية على دحض فكرة ان قضية المرأة قضية خاصة بالنساء.
• المطالبة بتواجد وزارة خاصة بشؤون المرأة وقضايا المساواة .
• المطالبة بتوفير الدعم الكافي من قبل الحكومات لإيجاد مراكز ابحاث المساواة في المجتمع والارتقاء بوعي المرأة اجتماعياً وسياسياً وثقافياً.
• خلق نظام مالي تحفيزي للكيانات السياسية من قبل الدولة بعد تفعيل قانون الاحزاب لجلب المرأة للمشاركة السياسية.
• اعتماد آليات داخل الاحزاب السياسية ومراكز للبحوث تهتم بالمرأة وتطوير وعيها السياسي.
• استحداث ورش عمل من قبل الدولة والاحزاب والمنظمات لتمكين المرأة سياسياً.
• دعم منظمات المجتمع المدني لاستحداث برامج ومناهج لتوعية المرأة سياسياً.
• تحفيز وتدريب طالبات الجامعات على المشاركة السياسية.
• تشكيل لجنة تسوية تخص عضوات البرلمان ومجالس المحافظات وحتى من خارج العملية السياسية توضع مشروع وطني متميز بعيد عن كل التخندقات الطائفية والعرفية والحزبية.
اعداد
الدكتور
شهيد احمد حسان الغالبي
سكرتير اللجنة المحلية
للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة
رئيس لجنة التربية والتعليم
في مجلس المحافظة

عن IWJF

شاهد أيضاً

رأي الناخب والناخبة في ترشيح المرأة للانتخابات

تقوم سيكولوجية الانتخاب على عملية اتخاذ القرار التي تشير إلى سلسلة من عمليات التقويم والتحليل والانتقاء للخيارات المتاحة قبل الشروع في الاختيار، فهي عملية مركبة تتداخل فيها جملة من العوامل الذاتية والموضوعية الخارجية والداخلية الأنية والمستقبلية. لتصفح الكتاب اضغط على الرابط بالاسفل كتاب-رأي-الناخب-والناخبة1تنزيل

error: Content is protected !!